كثيرًا ما يُفاجئني هذا السؤال من عملاء الحملات الإعلانات لديَّ::

“كيف تقول إن العائد الإعلاني 1:5 ممتاز؟!”

ويُكمل أحدهم معترضًا:

“أنت وحدك أخذت 20٪ من سعر المنتج، وتكلفة المنتج 40٪، والخصم 20٪، والضرائب 10٪… فأين الأرباح؟!”

الحقيقة أن هذا السؤال، وإن بدا منطقيًا من الظاهر، فإنه يُغفل جانبًا بالغ الأهمية في التقييم، وهو:

القيمة العمرية للعميل – Customer Lifetime Value (LTV).

بمعنى آخر: كم سيُحقق هذا العميل من أرباح للشركة، ليس فقط في أول عملية شراء، بل على مدار علاقته الكاملة بالعلامة التجارية؟

العائد الإعلاني ليس معيارًا نهائيًا

صحيح أن قياس العائد على الإنفاق الإعلاني (ROAS) مهم، وهو ببساطة ناتج تقسيم المبيعات المحققة على تكلفة الإعلانات. لكن هذا الرقم لا يجب أن يُفهم وحده بمعزل عن السياق الأوسع.

فلو أن حملة إعلانية كلفتك 1000 ريال، وحققت مبيعات بقيمة 5000 ريال، فإن ROAS هو 1:5، أي أن كل ريال أنفقته عاد عليك بخمسة.

لكن السؤال الأهم هو:

كم من هذه العائدات تمثل أرباحًا فعلية؟

وهنا تبدأ الحسبة الأكثر واقعية:

  • إن كانت تكلفة المنتج 40٪
  • والخصم أو العرض المقدم يمثل 20٪
  • والضرائب 10٪
  • وعمولة الجهة التسويقية أو مُطلق الحملة 20٪

فقد لا يتبقى لك هامش ربح صافي يُذكر.

وهذا ما يجعل بعض أصحاب المشاريع يتشككون في جدوى الإعلان برمّته.

لكن الحقيقة التي يغفلونها أن أول بيع هو فقط بداية العلاقة مع العميل، وليس نهايتها.

القيمة العمرية: وجه الحقيقة الذي لا يُرى فورًا

دعنا نأخذ المثال نفسه:

حملة بـ 1000 ريال جلبت لك 50 عميلًا، بمبيعات إجمالية 5000 ريال. أي أن كل عميل أنفق في المتوسط 100 ريال.

لكن ماذا لو أظهرت بياناتك أن العميل العادي يُجري ثلاث عمليات شراء في العام؟

وأن متوسط ما ينفقه خلال هذه الفترة هو 300 ريال؟

هذا يعني أن هؤلاء العملاء الـ 50، الذين جاءوا من إعلانك، سيُحققون لك على مدار العام إجمالي مبيعات تصل إلى 15,000 ريال، لا 5,000 فقط.

هنا تتغير الصورة تمامًا.

العائد الحقيقي على الـ 1000 ريال أصبح 1:15، وليس 1:5 فقط.

ولذلك فإن التركيز على القيمة العمرية للعميل هو من أهم عناصر التقييم المحترف لأي مجهود تسويقي.

ماذا يقول المحترفون؟

تشير دراسات من Harvard Business Review إلى أن تكلفة الحصول على عميل جديد تزيد بخمس مرات عن تكلفة الحفاظ على عميل حالي، مما يعني أن الاحتفاظ بالعملاء وتحفيزهم على تكرار الشراء هو طريق فعّال لزيادة الأرباح وتقليل التكلفة في المدى الطويل.

كما أن Amazon مثلاً، حين أطلقت خدمة “Prime”، لم تكن تهدف فقط لزيادة المبيعات اللحظية، بل لتعزيز ولاء العملاء، وهو ما ضاعف LTV الخاص بهم بشكل ملحوظ.

الخلاصة: اجعل الأفق أوسع

حين تُقيّم نتائج حملاتك التسويقية، لا تقع في فخ الأرقام الأولية فقط.

انظر إلى ما هو أعمق:

كم سيدوم هذا العميل؟ وكم سينفق؟ وكيف يمكننا تعزيز ولائه؟

إن فهمك لهذا المبدأ لن يُحسن فقط قراراتك المالية، بل سيغيّر طريقتك في التفكير كصاحب مشروع: من نظرة قصيرة الأمد إلى نظرة استراتيجية طويلة المدى.

وفي النهاية، التسويق الناجح ليس في بيع واحدة، بل في بناء علاقة مستمرة تُضاعف قيمة العميل مع كل تفاعل جديد.

اترك تعليقك