لو أنَّك ممن يتابعونني، فلا أظن أن عينك ستخطئ حديثي المتكرر عن كون التسويق بالمحتوى ما هو إلا إجابات تقدمها أنت لعملائك عن أسئلتهم، وهنا تكمن القيمة الحقيقية له.
ومع ذلك، فلست أنوي أن أكرر هذا المعنى في مقالي هذا، بل سأناقش نفس المبدأ من زاوية أخرى، وهي المبيعات، وكيف يمكن لإطار العمل “هم يسألون وأنت تجيب” أن يصبح إحدى أدوات التسويق بالمحتوى الفعالة لتحقيق المبيعات، لذا أرجوك، تابع معي…
ما هو إطار عمل “هم يسألون وأنت تجيب”؟
يُرمز إلى إطار العمل هذا بـ TAYA، وهو اختصار للمصطلح الإنجليزي “They Ask, You Answer”. وهو إطار عمل عملي يقوم على مبدأ واحد: أجب عن أسئلة عملائك، مع الحرص على أن تكون هذه الإجابات صادقة وشفافة.
والغرض من العمل بهذا الإطار هو أن تجعل علامتك التجارية مرجعًا موثوقًا في مجالها، لتكون أنت المصدر الأكثر موثوقية للمعلومات فيه.
كيف تطبق هذا الإطار في إعداد استراتيجية المحتوى؟
يقوم هذا الإطار، كما ترى، على الإجابة عن أسئلة العملاء. ولتطبيقه بشكل صحيح، هناك عدة خطوات، أهمها تحديد هذه الأسئلة. ومع ذلك، دعنا نستعرض خطواته ببساطة:
أشرِك كل ذي صلة
أي شخص أو قسم يتعامل مباشرةً مع العملاء يجب أن يشارك في العمل وفق هذا الإطار. وهؤلاء الذين يحتكون بالعملاء قد يكونون:
- رجال المبيعات
- موظفو خدمة العملاء
- مسؤولو العلاقات العامة
- فريق الدعم الفني أو التقني
- فريق التسويق
جميعهم يحتكون بالعملاء بشكل أو بآخر، ويجيبون على عشرات الأسئلة المطروحة منهم يوميًا. لذلك، هم بمثابة صناديق مملوءة بكنوز الإقناع، ولكنها مغلقة، وأنت بحاجة إلى فتحها والاستفادة منها.
أعِدَّ قائمة بأسئلة العملاء
بعدما جمعت فريق العمل المسؤول، والذي يحتك يوميًا بالعملاء، جاءت الخطوة الأهم، وهي جلسات العصف الذهني لحصر الأسئلة التي يطرحها العملاء يوميًا.
أريدك أن تلاحظ شيئًا آخر هنا، وهو أن إطار العمل هذا لا يقتصر على الأسئلة التي يحصرها فريق العمل، بل هناك مصادر أخرى قد تفيدك، مثل:
- “People Also Ask” في محرك البحث
- تفاعلات العملاء وأسئلتهم على منصات التواصل الاجتماعي
- مراجعاتهم وأسئلتهم على صفحات المنتج وعند المنافسين
- نقاشاتهم وتساؤلاتهم في المنتديات والمجتمعات المتخصصة مثل Quora و Reddit
عزِّز القائمة التي أعدها فريق العمل المسؤول بالأسئلة الواردة من هذه المصادر.
قسّم الأسئلة على مراحل رحلة العميل.
تكمن أهمية هذه الخطوة في إعداد قمع تسويقي مناسب للعميل ورحلته، وكذلك لتحقيق التوازن في الإنتاج بين محتوى أسفل القمع، ومحتوى أعلى القمع وأوسطه. فالوقوع في فخ التحيز لمرحلة واحدة هو مشكلة شائعة بين العديد من الشركات.
إعداد الخطة وإنشاء المحتوى:
بعد حصر الأسئلة وتوزيعها على مراحل الرحلة، يجب عليك إعداد خطة المحتوى أو ما يمكن تسميته بجدول إنتاج المحتوى.
بعد ذلك، احرص على ألا تبقى هذه الخطة مجرد حبر على ورق، بل ابدأ مباشرةً في الإنتاج، ولكن باتساق وباستمرار، فنتائج أي جهد هي محصلة الجودة والاستمرارية.
ما هي نطاقات المحتوى وفق هذا الإطار؟
هناك 5 نطاقات أو موضوعات كبرى يجب أن تغطيها وفق هذا المحتوى، وهذه الموضوعات هي:
- التكلفة: وهي الموضوعات التي تناقش تكاليف الشراء أو الاستثمار في المنتج وعائداته والتوفير المتحقق على المدى البعيد، وكذلك تبرير هذا السعر في ضوء إمكاناته مقارنة بإمكانات البدائل.
- المشكلات: لا نقصد بها في هذه النقطة مشكلات العميل، بل اعتراضاته والمشكلات المرتبطة باستخدام المنتج وتحديات الاستفادة منه، مثل الآثار الجانبية وشروط الاستخدام وضوابطه… إلخ.
- المقارنات: لكل مشكلة عشرات الحلول المطروحة، ولكل حل منها ميزاته وسلبياته، والضرورة تقتضي أن تميز خدماتك ومنتجاتك عنها بالمقارنة لإبراز نقاط التميز والقوة، وكذلك الضعف والقصور.
- المراجعات: وهو لفظ شامل للدليل الاجتماعي، وكل إثبات لصحة ادعاءاتك المتعلقة بالكفاءة والجودة، ولا تقتصر المراجعات على منتجاتك وحسب، بل أيضاً البدائل والمنافسين أيضاً.
- قوائم أفضل الحلول: كلمات مثل “أفضل كذا…” هي أكثر الكلمات تكراراً في محركات البحث عند سؤال العميل عن حلول لمشكلاته، ودورك هو أن تنتج محتوى يجيب عن السؤال: ما أفضل الحلول لهذه المشكلات؟
كيف يُسهم هذا الإطار في زيادة المبيعات؟
آثرت أن أسرد هذه النقطة بعدما أطلعتك على موضوعات وطرق عمل هذا الإطار، حتى يتبين لك كم هو إطار عملي ويركز بشكل رئيسي على العميل ذاته والإجابة عن تساؤلاته.
وهنا تكمن قوة هذا الإطار وتأثيره المباشر على المبيعات، والذي يتمثل في الآتي:
- التهيئة السليمة للعملاء: وهو ما يسمى بـ Lead Nurturing، فالإجابة عن تساؤلات العميل تساعد في توجيهه إلى الحل الأمثل له وفق احتياجاته وطبيعة مشكلته، وبالتالي فأنت تضمن أن العميل الذي طلب التواصل معك واعٍ بما يكفي بمشكلته ومؤمن بمنتجك أو خدمتك وفعاليتها في حل هذه المشكلة.
- تسهيل وتسريع عمليات البيع: شمول المحتوى لرحلة العميل، بالإضافة إلى معالجة اعتراضاته معالجة منطقية في المحتوى الذي ننشئه، ينتج عنه عميل أقل مقاومة لرجال المبيعات ولجهود البيع المتسلسلة.
- تحسين معدل إتمام المبيعات: وهي النتيجة المنطقية والوحيدة لعميل تمت تهيئته بشكل صحيح، وتخفيف مقاومته ومعالجة اعتراضاته، لينتج عن ذلك عميل “مقتنع” وصفقة بيع ناجحة بإذن الله.
خاتمة
لا تتخيل أني أحاول أن أقنعك في هذا المقال بأن للتسويق بالمحتوى دوراً مباشراً في المبيعات، فأنا شخصياً لست مقتنعاً بوجود علاقة مباشرة بين أي جهد والمبيعات سوى جهود رجال المبيعات أنفسهم، ولكني فقط أردت أن أبين لك إحدى طرقه الخاصة في تحسين المبيعات ودعمها.
الآن، لك الحق في أن توافقني أو تخالفني في ذلك، ولكن ما يسعدني حقاً أن تشاركني رأيك في التعليقات لنتناقش بشأنه…