مؤخرًا، تغيّر شكل البحث على الإنترنت بصورة جذرية. لم يعد المستخدم يكتفي بكتابة كلمات مفتاحية في محرك بحث تقليدي، بل بدأ يتفاعل مع أدوات تعتمد على الذكاء الاصطناعي، مثل ChatGPT أو وضع Google Search Generative Experience (SGE). هذه الأدوات لا تكتفي بعرض روابط، بل تُجري تلخيصًا وتحليلاً للمحتوى، وتختار بعناية ما تستشهد به. وهنا تبرز فرصة ذكية:

كيف تجعل موقعك أحد تلك المصادر التي يذكرها الذكاء الاصطناعي؟

أحد الابتكارات الحديثة في هذا السياق هو ما يُعرف بـ “أزرار المشاركة مع الذكاء الاصطناعي” — وهي أزرار تُمكّن الزائر من مشاركة رابط مقالة أو صفحة من موقعك مباشرة مع أدوات AI مثل ChatGPT أو Claude أو غيرها، بغرض التلخيص أو التفاعل معها.

ما الفائدة الحقيقية من هذه الأزرار؟

دعنا نبدأ بالنتيجة:

كل مرة يُشارك فيها أحد مقالاتك مع أداة ذكاء اصطناعي، تزداد احتمالية أن تُدرج هذه الأداة موقعك كمصدر موثوق في نتائجها المستقبلية.

لماذا؟ لأن أدوات مثل ChatGPT تُبنى على التدريب المستمر من استجابات المستخدمين، وإذا تكررت الإشارات إلى محتوى معين، فهذا يعزز حضوره في نماذجها المستقبلية أو في سجلّات الردود المرجعية.

مثال تطبيقي:

تخيل أنك نشرت مقالة عن “الذكاء الاصطناعي في التسويق العقاري”، وفي نهايتها زر واضح بعنوان:

أرسل هذا المقال إلى ChatGPT للتلخيص أو الحفظ

عند الضغط عليه، يُفتح رابط مخصص يبدأ بجملة مثل:

`https://chat.openai.com/?q=Can+you+summarize+this+article:+[الرابط]`

هذه العملية تبدو بسيطة، لكنها فعالة جدًا من حيث الأثر التراكمي.

كيف تُنفّذ هذه الأزرار تقنيًا؟

يمكنك تنفيذ الأزرار باستخدام أكواد HTML بسيطة للغاية، أو عبر إضافات جاهزة على WordPress متوفرة في GitHub، بعضها مجاني ومفتوح المصدر.

على سبيل المثال، يمكن استخدام هذا الكود:

```html
<a href="https://chat.openai.com/?q=Can+you+summarize+this+article:+[رابط المقال]" target="_blank" rel="noopener noreferrer">
   <button>شارك مع ChatGPT</button>
</a>
```

أو تخصيص الزر بحسب السياق: “عدّل هذه الوصفة حسب نظامك الغذائي”، أو “اطلب من ChatGPT تبسيط هذا الدرس لطفلك”.

ولما نذهب بعيدًا! دعني أضرب لك مثالًا عمليًا وأسألك :

هل تود تلخيص هذا المقال باستخدام ChatGPT؟ استخدم الزر بالأسفل!

ملاحظة مهمة:

من الضروري أن يكون الزر شفافًا في غايته، أي أن يفهم المستخدم أنه سيرسل الرابط إلى أداة ذكاء اصطناعي لغرض التلخيص أو الحفظ، لا مجرد المشاركة التقليدية.

هل لهذا أثر حقيقي على تحسين الظهور في نتائج البحث؟

الإجابة القصيرة: نعم، ولكن بشكل غير مباشر.

الأدوات التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي لا تزحف على الإنترنت بنفس الطريقة التي تفعلها Googlebot، لكنها “تتعلم” من الروابط والمصادر التي يُدخلها المستخدمون في جلساتهم. وعندما تتكرر الإشارات إلى موقع معين، تُصبح لديه فرصة أكبر في أن يُستشهد به تلقائيًا لاحقًا.

وقد أشارت دراسة حديثة من Search Engine Land، استهدفت نحو 391 موقعًا للشركات الصغيرة والمتوسطة (SMBs)، إلى أن الإحالات من محركات الذكاء الاصطناعي قد ارتفعت بنسبة 123٪ بين سبتمبر 2024 وفبراير 2025. وفي نفس الفترة، ارتفعت نسبة هذه الإحالات من 0.54٪ إلى 1.24٪ من إجمالي حركة البحث العضوي

الاستخدام الذكي: لا تكتفِ بالزينة

من المهم أن يكون زر المشاركة مع AI أكثر من مجرد “وظيفة جديدة”. يمكن أن تضيف له بُعدًا نافعًا للمستخدم. مثلًا:

  • على موقع طبخ: “اطلب من AI أن يُعدّل لك هذه الوصفة لحمية الكيتو”
  • في موقع تعليمي: “اطلب من ChatGPT شرح هذه الفقرة بطريقة مبسطة”
  • في مدونة تقنية: “شارك هذا المقال مع AI لمقارنته بأحدث التطورات”

بهذا الشكل، تجمع بين تحسين تجربة المستخدم وتعزيز فرص ظهورك في محركات الذكاء الاصطناعي.

الخلاصة:

مع تغيّر طرق البحث وتحوّل الذكاء الاصطناعي إلى قناة اكتشاف جديدة، لم يعُد تحسين محركات البحث التقليدية كافيًا.

أزرار المشاركة مع أدوات الذكاء الاصطناعي تُمثل وسيلة مبتكرة لجعل محتواك جزءًا من محادثات المستقبل، وتساعدك في بناء حضور رقمي يتماشى مع تغيرات سلوك المستخدم.

وفي النهاية، من لا يُفكّر اليوم في تهيئة محتواه ليتفاعل مع الذكاء الاصطناعي… سيتأخر كثيرًا عن ركب الظهور.

اترك أول تعليق