سأل أ. خطاف في تغريدة لها على تويتر سؤالاً يبدو بسيطاً، لكنه يحمل في طياته الكثير من التعقيد:
“برأيك، ما الأفضل لشركة صغيرة أو متوسطة الحجم: أن تنشئ قسم تسويق داخلي، أم أن تتعاقد مع وكالة تسويق خارجية؟
ومتى يُفضّل كل خيار؟”
ولأنني لا أحب الإجابات الجاهزة، فقد قلت له:
“أرى خيارًا ثالثًا أكثر مرونة وفاعلية: التعاقد مع مُسوّق محترف من نوع يُعرف اليوم بـ T-Marketer.”
لكن قبل أن نشرح الخيار الثالث، دعونا نراجع الخيارين التقليديين…
أولاً: إنشاء قسم تسويق داخلي
هذا الخيار يمنح الشركة تحكماً أكبر في فريقها، ويجعل المعرفة التسويقية تتراكم داخل المؤسسة. فالفريق يعيش تفاصيل المنتج، ويفهم جمهور الشركة، ويتفاعل لحظيًا مع السوق.
ومع مرور الوقت، تتشكل “ذاكرة تسويقية” داخل الشركة، مما يسهّل تحسين الأداء وتفادي الأخطاء السابقة.
لكن… هذا الخيار مكلف.
يتطلب توظيف أكثر من شخص ذي كفاءة: كاتب محتوى، مصمم، مدير إعلانات… وغيرهم
والشركات قد لا تملك الميزانية الكافية أو القدرة الإدارية على ذلك، خاصة الناشئة والصغيرة. كما أن إدارة فريق داخلي تحتاج إلى قيادة تسويقية خبيرة، وهو عنصر نادر ومكلف أيضاً.
ثانياً: التعاقد مع وكالة تسويق
الوكالات تأتي بخبرة واسعة، وفرق عمل متكاملة، وتعرف أدوات السوق الحديثة. وهذا يوفر على الشركات الصغيرة الوقت والموارد، ويمنحها جودة مهنية جاهزة للتنفيذ.
لكن… الوكالات لا تعيش المنتج كما يعيشه الفريق الداخلي. وغالباً ما تكون العلاقة معها “خارجية” بحتة: تبدأ من العقد وتنتهي به.
كما أن تبديل الوكالات أو المستقلين مع مرور الوقت يؤدي إلى “نزيف معرفي”؛ حيث تُعاد نفس المحاولات أو تُرتكب نفس الأخطاء بسبب غياب سجل تعلّم موثّق داخل الشركة.
وهنا يظهر الخيار الثالث: T-Marketer
المُسوِّق من نوع T-Marketer هو محترف يملك معرفة شاملة في التسويق (القسم الأفقي من الحرف T)، مع تخصص عميق في مجال معين، كإعلانات الأداء أو الاستراتيجية أو التحليل (القسم العمودي من الحرف).
لكنه لا يعمل بمفرده كمنفّذ فقط، بل يعمل كـ منسّق استراتيجي. دوره أن يخطط، يقيّم، ويوجه التنفيذ، سواء تمّ ذلك من خلال وكالة خارجية، أو عبر مستقلين، أو حتى ببناء فريق داخلي عند الحاجة.
هذا الدور يجمع أفضل ما في الخيارين:
- يمنح الشركة مرونة التوسع أو التقلص حسب الحاجة.
- يحافظ على المعرفة داخل الشركة من خلال التوثيق والمتابعة والتقييم.
- يُمكّن الإدارة من اتخاذ قرارات مدروسة بناءً على بيانات وتحليل حقيقي.
مثال واقعي
لنفترض أن لديك مشروعاً لبيع الأدوات المنزلية عبر الإنترنت. بدلاً من تعيين فريق تسويق داخلي كامل، أو الاعتماد كلياً على وكالة، تستعين بـ T-Marketer يدير العملية من البداية:
- يضع الاستراتيجية التسويقية بناءً على السوق والمنافسين.
- يختار وكالة موثوقة لإدارة الإعلانات.
- يعيّن كاتب محتوى مستقل لإنتاج مقالات تتصدر نتائج البحث.
- يقيّم الأداء أسبوعياً ويوثق ما يعمل وما لا يعمل.
بهذا الشكل، أنت تستثمر في قيادة تسويقية بدلاً من مجرد تنفيذ عشوائي.
خلاصة القول
كل شركة تمر بمراحل نمو مختلفة، ولكل مرحلة احتياجاتها.
لكن في عصر يتغيّر فيه المشهد التسويقي بسرعة، وتزداد فيه الخيارات وتتعقّد الأدوات، فإن وجود عقل استراتيجي يدير ويُنسّق الجهود — لا يُنفّذها فقط — هو استثمار بالغ الذكاء.
ولعل أبرز ما يميز T-Marketer أنه لا يحل محل الوكالة أو الفريق، بل يجعل عملهم أكثر فاعلية واتساقًا مع أهداف الشركة.
“الذكاء لا يكمن في اختيار أحد الخيارين، بل في معرفة كيف تدمجهما معًا لصالحك.”