كثيرًا ما أسمع عبارة:
“وسّع دائرة الاستهداف حتى تزيد فرص البيع.”
وهذه العبارة على السطح، تبدو منطقية: مزيد من الناس = مزيد من الاحتمالات.
لكن دعنا نتوقّف هنا ونسأل سؤالًا بسيطًا:
هل كل من يرى إعلانك هو زبون محتمل؟ وهل كل مشاهدة تُقربك من البيع فعلًا؟
الإجابة الواقعية، والتي تؤكدها التجربة والبيانات، هي: لا.
في الحقيقة، كل ريال تنفقه على جمهور لا يتطابق مع احتياج منتجك، هو استثمار في غير موضعه.
بل هو أقرب إلى “دفن الميزانية في الرمال”، تحت وهم أنك بزيادة الوصول ستزيد العائد.
أين الخطأ؟ ولماذا يقع فيه كثير من المسوّقين؟
الخطأ هنا نفسي قبل أن يكون تقنيًا.
ففي ظل ضغوط الميزانية، وقلة النتائج، يبحث المسوّق أو صاحب العمل عن حلول “سريعة”.
ويبدو توسيع الجمهور حلًا مغريًا:
“فلنُخرج الإعلان من النطاق الضيق، ونُعطيه مساحة أكبر، لعلّنا نحصل على مبيعات إضافية.”
لكن الحقيقة أن هذا القرار — كما تقول العبارة — غالبًا ما يُتخذ من منطلق الخوف لا من منطلق النمو.
ولو كانت مواردك وفيرة، لما اضطررت لتوسيع الدائرة على حساب الدقة.
أمثلة من السوق
تخيل شركة تقدم خدمات تصميم داخلي مخصصة للفيلات الراقية في الرياض.
إذا وسّعت استهدافك ليشمل كل مناطق المملكة، وكل الفئات العمرية، فأنت تعرض إعلانك لمستخدمين:
- لا يملكون القدرة المالية.
- أو لا يعيشون في منازل تستدعي هذا النوع من الخدمات.
- أو ببساطة غير مهتمين الآن.
نتيجة ذلك؟
نقرات بلا فائدة، إنفاق بلا مردود، وحملات تبدو مشغولة لكنها لا تبيع.
كيف نُعيد التفكير في الاستهداف؟
القاعدة الذهبية في التسويق ليست “أكثر”، بل “أدق”.
وفي بعض الأسواق، خاصة تلك التي تتفاوت مناطقها في التركيبة الاجتماعية والدخل والعادات الشرائية، فإن الدقة في فهم جمهورك ليست ترفًا، بل ضرورة.
إليك خطوات عملية:
- عرّف جمهورك الحقيقي بوضوح. لا تقل فقط “أصحاب أعمال” أو “مهتمون بالتقنية”. بل حدد: العمر، المدينة، الدخل، الاهتمامات، الدافع للشراء.
- استخدم شرائح الجمهور المخصّصة (Custom Audiences). سواء في Google Ads أو Meta أو TikTok، يمكنك بناء جمهور بناءً على سلوك التصفح، أو كلمات بحث، أو نشاط سابق.
- قسّم حملاتك بحسب الشرائح. لا تضع الجميع في حملة واحدة. أنشئ حملات منفصلة لكل شريحة، وتتبّع الأداء بدقة.
- تعلّم من الحملات السابقة. راجع من نقر، ومن اشترى، ومن تجاهل. كل معلومة هي فرصة لتحسين الاستهداف.
التوسيع الذكي ≠ التوسيع العشوائي
نعم، في بعض الحالات تحتاج لتوسيع جمهورك، لكن ذلك لا يعني التخلّي عن التحديد.
بل يعني أنك تبني جمهورًا جديدًا تدريجيًا، وتقيس تفاعله قبل أن تُغرقه بالإعلانات.
فالمسألة ليست “يا استهداف ضيق، يا إعلان مفتوح للجميع”.
بل هناك مساحة وسطى: استهداف مدروس، تدريجي، مبني على نية الشراء لا مجرد المواصفات السكانية.
الخلاصة
إذا كنت تشعر أن حملاتك لا تعطي نتائج رغم حجم الإنفاق، فاسأل نفسك:
هل أُعلن للشخص المناسب فعلًا؟
أم أنني أضع ميزانيتي في أماكن لا يسمعني فيها أحد؟
في التسويق، الدقّة أغلى من الانتشار.
والنمو لا يأتي من توسيع النطاق، بل من تضييق الهدف.
تذكّر: ليس كل من رأى إعلانك هو فرصة. ولكن كل ريال تضعه في الجمهور الصحيح هو خطوة أقرب إلى البيع.
قد يُعجبك أيضًا: