أتعلم ما هو أغرب ما قد تراه في حملة إعلانية؟ أن تبدأ الشركة بالإقرار بأنها ليست الأفضل!
نعم، هذا بالضبط ما فعلته شركة Avis الشهيرة لتأجير السيارات، عندما قالت في إحدى حملاتها الإعلانية الشهيرة:
نحن الشركة الثانية… ولهذا نبذل جهداً أكبر.
تخيل أن تكون في سوق تنافسي شرس، ومع ذلك تعترف بأنك لست في المركز الأول.
الأمر يبدو للوهلة الأولى غريبًا، وربما حتى خاطئًا من الناحية التسويقية، أليس كذلك؟
لكن في الحقيقة، هذا النوع من الصدق والشفافية مع النفس أولًا، ومع الجمهور ثانيًا، يمكن أن يكون أقوى سلاح تملكه العلامة التجارية.

القوة في الاعتراف وليس في الادّعاء
دعنا نتحدث بصراحة…
في كثير من الأحيان، نعتقد أن الاعتراف بالضعف أو التقصير أو حتى مجرد عدم الكمال، هو نوع من الهزيمة.
لكن العكس تمامًا هو الصحيح. الصدق يولد الثقة.
والناس لا تحب دائمًا الشعارات الكبيرة الفارغة أو التصريحات الرنانة التي لا تعكس الواقع.
هم يريدون أن يشعروا أن من يحدثهم هو إنسان مثلهم، شركة تحاول وتتطور، لا كياناً يدّعي الكمال في كل شيء.
لماذا قالت Avis إنها ليست رقم واحد؟
حين تقول Avis أنها ليست الرقم واحد، فهي لا تعني أنها ضعيفة أو غير جديرة.
بل على العكس، هي تقول:
نحن نعرف موقعنا جيدًا، وبدلًا من أن نُغرق أنفسنا في الادّعاء، قررنا أن نُركّز كل طاقتنا في تقديم خدمة أفضل، لأننا لا نملك رفاهية التهاون.
وهنا يكمن سر النجاح.
هذه الاستراتيجية لا تعتمد على خداع الجمهور أو التلاعب بعواطفهم، بل على بناء علاقة صادقة وطويلة الأمد معهم.
علاقة تبدأ من جملة بسيطة:
نحن لسنا الأفضل، ولكننا نعمل جاهدين لنكون الأفضل بالنسبة لك.
الدرس الذي يصلح للجميع
هذه الفكرة تصلح ليس فقط في التسويق، بل في كل نواحي الحياة.
سواء كنت تعمل بشكل حر، أو تملك مشروعك الخاص، أو حتى موظفًا في شركة، تذكّر أن الاعتراف بما لا تعرفه، أو بما ينقصك، لا يقلل من قيمتك. بل يرفعها.
لأنك حينها تكون على الطريق الصحيح للتعلّم، للتطور، ولتحقيق الأفضل.
الناس يحترمون الصدق ويثقون به.
خاصة في زمن أصبح فيه التجميل والمبالغة هما القاعدة لا الاستثناء.
حين يجد العميل شركة تتحدث إليه بصراحة، حتى وإن كانت تقول “لسنا رقم واحد”، فهو سيشعر أن هذه الشركة تحترمه ولا تحاول خداعه.
الخلاصة
صدقني، ليست المشكلة أن تكون الثاني أو الثالث، او حتى لا ترتيب لك في السوق.
المشكلة الحقيقية هي أن تبالغ وتخدع وتدعي، ومع ذلك لا تتحرك لتصبح أفضل.
في النهاية، الحملة الإعلانية التي أطلقتها Avis لم تكن مجرد إعلان.
كانت رسالة. رسالة تقول:
نحن لا نخجل من مركزنا، بل نعتبره دافعاً لنضاعف الجهد.
فهل أنت مستعد أن تقولها؟
أنا لست الأفضل… ولكنني أعمل لأكون كذلك.