حين نذكر “الجماهير المخصصة” (Custom Audiences) في سياق الإعلان الرقمي، فإن أول ما يخطر على البال غالبًا هو إعادة الاستهداف(Retargeting). وهذا طبيعي، لأن هذه الأداة فعّالة في إعادة الوصول للأشخاص الذين تفاعلوا مع علامتك من قبل، سواء زاروا موقعك، أو شاهدوا إعلانك، أو تفاعلوا معك على منصات مثل فيسبوك، إنستغرام، أو تيك توك.
لكن الحقيقة التي قد يغفل عنها البعض، أن هذه الجماهير نفسها يمكن أن تكون مؤشرًا مباشرًا لنمو الوعي بعلامتك التجارية— بل وواحدة من أدق الأدوات التحليلية لقياس أثر الحملات التوعوية.
ما المقصود بجمهور مخصص؟
ببساطة، هو جمهور يتم تجميعه داخل المنصة الإعلانية بناءً على سلوكيات معينة قام بها تجاهك، مثل:
- مشاهدة فيديو بنسبة معينة (25%، 50%، 75%، 100%).
- زيارة صفحة معينة في موقعك.
- التفاعل مع إعلان سابق.
- الاشتراك في قائمة بريدية.
- أو حتى ملء نموذج داخل الإعلان.
أنت لا تختار هذا الجمهور يدويًا، بل تبنيه المنصة تلقائيًا بحسب قواعد تحددها.
لماذا يعتبر نمو هذا الجمهور مؤشرًا على نمو الوعي؟
لنأخذ مثالًا واقعيًا:
أنت تنفذ حملة وعي على تيك توك، وأحد أهدافك هو تعريف الجمهور بعلامتك. أنشأت جمهورًا مخصصًا يتكوّن من الأشخاص الذين شاهدوا فيديوهاتك بنسبة 25% أو أكثر. في بداية الحملة، كان حجم الجمهور 5000 شخص، وبعد أسبوعين ارتفع إلى 6000.
ما الذي يعنيه ذلك؟
أن هناك 1000 شخص جديدشاهدوا محتواك وتفاعلوا معه بدرجة كافية تجعل المنصة تُضيفهم تلقائيًا إلى الجمهور المخصص. وهذا بحد ذاته يعني أن الوعي بعلامتك نما بنسبة 20%خلال تلك الفترة.
الأمر لا يتعلّق فقط بالعدد، بل بجودة التفاعل؛ لأن من يشاهد فيديو بنسبة 25% على الأقل، لا يفعل ذلك مصادفة. بل غالبًا ما يكون مهتمًا، أو على الأقل بدأ يتعرف عليك بوضوح.
أين يكمن الذكاء في هذا النوع من القياس؟
الجميل هنا أن هذه الأرقام تأتيك دون أن تسأل، ودون الحاجة لبناء استبيانات أو أدوات تحليل خارجية.
فهي بيانات حيّة تُحدّث لحظة بلحظة، وتُمثّل شريحة حقيقية من جمهورك في السوق.
يمكنك كذلك تقسيم هذه الجماهير بحسب المنصة، الفيديو، نوع المحتوى… بل وحتى حسب المنطقة الجغرافية، ما يسمح لك بتتبّع نمو الوعي بدقة في كل منطقة تستهدفها.
ما الذي يمكنك فعله بهذه البيانات؟
- تحسين الرسائل التسويقية: كلما كبر جمهور المشاهدين المهتمين، أصبحت لديك فرصة لتخصيص الإعلانات التالية بما يتناسب مع مستوى وعيهم.
- تحسين استهداف حملات إعادة التفاعل (Engagement): بدلًا من استهداف الجميع، يمكنك إعادة استهداف من أبدى اهتمامًا حقيقيًا.
- تحليل فعالية أنواع المحتوى: إذا لاحظت أن فيديوهات معينة تنمو بها الجماهير بشكل أسرع، فهذه إشارة بأن هذا النمط هو الأجدر بالاستمرار.
- قياس أثر حملات الوعي بشكل مباشر: بدل الاعتماد على مقاييس عامة مثل عدد الانطباعات أو النقرات، أصبح لديك مقياس ذكي وعملييعكس حقيقة نمو الاهتمام.
خلاصة القول:
الجماهير المخصصة ليست مجرد وسيلة لإعادة التفاعل مع العملاء السابقين.
بل هي مرآة تعكس مدى وعي الجمهور بك، وتمنحك مؤشرات حية على توسّع قاعدتك المهتمة.
إن كنت تطلق حملات توعية، فدع هذه الأداة تعمل لصالحك، واستخدم نموها كمؤشر مباشر على فعالية جهودك.
فمن يشاهدك اليوم بنسبة 25%، قد يصبح عميلًا غدًا بنسبة 100%.