كثيرًا ما يُصوَّر التسويق الناجح على أنه سلسلة متصلة من الإنجازات: إعلان مذهل، فكرة مبتكرة، تفاعل واسع، ثم مبيعات تتصاعد.

لكن الحقيقة التي يغفل عنها كثيرون، خاصة المبتدئين، أن هذا النجاح لا يأتي من ضربة حظ، بل هو نتيجة مباشرة لتجارب عديدة، منها ما نجح، ومنها ما فشل.

في تقرير مهم نُشر على موقع MarTech، وُضّح فيه أن الفشل في التسويق ليس خطرًا يجب تجنّبه، بل هو مرحلة ضرورية يجب أن نتقبلها ونتعامل معها كفرصة للتعلم.

الفشل… هو البداية وليس النهاية!

أحد أكبر الأخطاء التي يقع فيها المسوقون – خصوصًا من يعملون تحت ضغط التوقعات العالية – هو التعامل مع الفشل على أنه إشارة للتوقف أو دليل على العجز. وهذا، للأسف، يخلق بيئة تقتل الإبداع وتمنع التجريب.

بينما الحقيقة، كما أشار التقرير، أن النجاح المستدام في التسويق لا يمكن أن يتحقق دون المرور بسلسلة من الإخفاقات المدروسة.

ولفهم هذه الفكرة بوضوح، تأمل في تجربة إطلاق منتج جديد…

قد تُطلق حملة إعلانية بمحتوى معين على فيسبوك، فتتفاجأ أنها لم تحقق أي تفاعل يُذكر. هل هذا يعني فشل المشروع؟ بالطبع لا. بل يعني أن لديك الآن بيانات واقعية تخبرك أن هذا المحتوى لا يناسب جمهورك، وأنك تحتاج لتعديله.

الاختبار هو كلمة السر

أحد أبرز مفاهيم التسويق الحديث هو الاختبار الثنائي (A/B Testing). فيه تختبر عناوين مختلفة، تصميمات متعددة، شرائح متنوعة من الجمهور، ومنصات إعلانية مختلفة… ثم تُحلل النتائج وتتعلم منها.

وكما قال الكاتب Sterling Wahl في مقاله على لينكدإن ما معناه:

“كل إخفاق في حملة تسويقية هو بداية قصة نجاح قادمة، بشرط أن تُحسن تفسير الإخفاق.”

هذا النمط في التفكير – الذي يعتبر كل تجربة، ناجحة أو لا، فرصة للتعلّم – هو ما يُميز الفرق التسويقية القوية عن غيرها.

الفشل لا يقتصر على الإعلانات

لا يقتصر مفهوم “الفشل” على الإعلانات فقط، بل يشمل كذلك الاستراتيجيات، والتخطيط، والتنسيق بين الفرق.

تخيل مؤسسة أطلقت حملة عبر البريد الإلكتروني دون تنسيق مع فريق المبيعات. أدى ذلك إلى فقدان بعض العملاء المحتملين لعدم وجود متابعة.

هل هذه نهاية المطاف؟ أبدًا. بل هي فرصة لإعادة بناء آلية العمل الداخلية وتعزيز التكامل بين الأقسام.

وقد أظهرت دراسة منشورة في ScienceDirect أن المنظمات التي تتعامل مع الفشل على أنه فرصة للتعلم، تحقق أداءً أعلى بنسبة 23% مقارنة بتلك التي تعاقب عليه أو تخفيه.

كيف نتعامل مع الفشل بطريقة صحيحة؟

  • أولًا: لا تخف من التجريب، ولكن خطّط له بذكاء.
  • ثانيًا: لا تُكرر نفس الخطأ مرتين، بل استخرج منه درسًا واضحًا.
  • ثالثًا: وفّر مساحة داخل الفريق لقبول الخطأ دون لوم، حتى لا يهرب أحد من التعلّم.
  • رابعًا: اعتمد دائمًا على خطة بديلة (Plan B)، لأن بعض الخطط لا تنجح مهما بدت محكمة.

الخلاصة: النجاح لا يولد من الفراغ

النجاح في التسويق ليس وجهًا واحدًا لحقيقة ثابتة، بل هو نتيجة لصبر، وجرأة، واستعداد نفسي لقبول الفشل.

وأنت كمسوّق، إن لم تضع احتمالية الفشل ضمن حساباتك، فأنت لا تسوّق فعليًا، بل تُقامر.

الاختبار، والتجريب، والتحليل، والتطوير المستمر… كلها حلقات في سلسلة تُبنى بالخبرة والخطأ، قبل أن تُثمر نجاحًا.

اترك أول تعليق