دعنا نبدأ من السؤال الذي يدور في ذهنك أصلًا:

كم أحتاج من ميزانية كي أبدأ حملة إعلانية محترمة؟

سؤال يبدو بسيطًا من الخارج… لكنه في الواقع أعقد بكثير.

والسبب؟ لأن الإجابة ليست رقمًا ثابتًا، ولا توجد في دليل جاهز أو في أدوات الإعلانات نفسها.

الإجابة الصحيحة هي ببساطة: “يعتمد. على…

لكن يعتمد على ماذا؟ وكيف تبني تقديرك بشكل منطقي بعيدًا عن العشوائية؟

هنا تبدأ القصة.

الخطأ الأول: أن تبدأ من السؤال الخطأ

غالبية أصحاب المشاريع يبدأون بالسؤال التالي:

معي ٣٠٠٠ ريال. هل يمكنني تشغيل حملة وتحقيق مبيعات؟

وغالبًا ما تكون النتيجة كالتالي: تُنفق الميزانية، دون عائد يُذكر، ثم يُقال إن “الإعلانات لم تنجح”.

لكن الحقيقة؟ لم يكن العيب في الإعلان، بل في طريقة التفكير منذ البداية.

المفروض أن تبدأ من الهدف، لا من المبلغ.

الإعلان ليس فاتورة… الإعلان عملية حسابية

اتفقنا: الإعلان ليس مكانًا تدفع فيه المال ثم تنتظر النتيجة. الإعلان عمل تحليلي، يقوم على أرقام وتوقعات.

يعني قبل أن تسأل “بكم أبدأ؟”، اسأل نفسك:

  • ما الهدف من الحملة؟ (زيادة وعي؟ زيارات؟ مبيعات؟ جمع بيانات؟)
  • كم سعر المنتج؟ وما هو هامش الربح الفعلي؟
  • هل الجمهور الذي تستهدفه سهل الوصول؟ أم المنافسة شديدة؟
  • ما المنصة الأنسب؟ وما تكلفتها المتوقعة؟

كل سؤال من هذه الأسئلة يغيّر طريقة حساب الميزانية تمامًا.

دعنا نحسبها معًا

لنفترض أنك تبيع منتجًا بسعر 500 ريال، وهامش ربحك 150 ريال.

وتريد أن تحقق 40 طلبًا.

بحسب تقرير WordStream، فإن متوسط معدل التحويل في المتاجر الإلكترونية يقارب 1.9%، وغالبًا ما يتراوح بين 1% و3%.

نأخذ رقمًا وسطيًا: 2%

لتحقيق 40 طلبًا، تحتاج إلى:

40 ÷ 0.02 = 2000 زيارة للموقع

الآن، لو افترضنا أن تكلفة الزيارة الواحدة 1.5 ريال — وهو رقم واقعي في بعض القطاعات وعبر قنوات إعلانية محددة مثل سناب أو تيك توك أو عبر حملات محكمة الاستهداف — فالمطلوب:

2000 × 1.5 = 3000 ريال كميزانية إعلانية

لو الحملة نجحت فعلًا وجلبت 40 طلبًا، فأنت حققت:

150 × 40 = 6000 ريال ربح إجمالي

بعد خصم تكلفة الإعلان (3000 ريال)، يكون الربح الصافي: 3000 ريال ← حملة ناجحة.

لكن لاحظ:

إذا انخفض معدل التحويل، أو ارتفعت تكلفة النقرة ولو قليلًا، قد يتآكل هامش الربح تمامًا. ولهذا يجب أن تكون الحسابات واقعية، وأن يُترك دائمًا هامش احتياطي لأي مفاجآت.

وماذا لو كانت ميزانيتك محدودة؟

لو ميزانيتك الحالية 1500 ريال مثلًا، فليس مستحيلًا أن تبدأ، ولكنك بحاجة إلى أحد الخيارات التالية:

  1. تقليل الهدف: بدلًا من 40 طلبًا، ضع هدفًا أقرب إلى 15 أو 20.
  2. تحسين التحويل: سواء عبر صفحة الهبوط، أو تجربة الشراء، أو العرض الترويجي نفسه.
  3. اختيار قناة أرخص: في بعض المجالات، تيكتوك يقدّم تكلفة أقل من إنستغرام أو سناب شات.

لا تُقدّر الميزانية من خيالك… بل من السوق

من أكبر الأخطاء أن تُبنى ميزانية الحملة على الظنون.

أتوقع أن الزيارة بريال، وأن التحويل 3%

  • بناءً على ماذا؟
  • هل شاهدت بيانات فعلية؟ استخدمت Google Keyword Planner؟ جربت إعلانًا مشابهًا سابقًا؟
  • أم أن كل شيء مبني على الحظ؟

النجاح في الإعلان لا يأتي بالمصادفة.

كلما اقتربت حساباتك من الواقع، زادت فرص النجاح الفعلي.

مثال آخر للتقريب

هب أنك عملت مع عميل يبيع منتجًا فاخرًا بسعر 1200 ريال، وهامش ربحه 400 ريال.

بدأت بحملة تجريبية بميزانية 5000 ريال.

المعدل الفعلي للتحويل كان 1.2%، وتكلفة الزيارة 2.3 ريال.

النتيجة: 22 طلبًا، بتكلفة إجمالية 5000 ريال.

هل فشلت الحملة؟

لا، لكنها كشفت عن مشكلة في معدل التحويل.

قمت بتحسين صفحة المنتج، وتعديل العرض الترويجي، وأطلقت حملة ثانية بنفس الميزانية.

فكانت النتيجة ضعف عدد الطلبات، وارتفاع كبير في الربحية.

خلاصة القول

لا يوجد رقم سحري يناسب كل مشروع.

يوجد فقط منطق، وأرقام، وتخطيط حقيقي.

ابدأ من هدفك ← احسب الطريق إليه ← قرر إن كانت ميزانيتك كافية.

ولو لم تكن؟ أمامك ثلاثة خيارات: تقليل الطموح، تحسين جودة التحويل، أو تعديل مسار القناة الإعلانية.

لكن ما لا يجب أن تفعله أبدًا: أن تبدأ بعشوائية، ثم تتفاجأ أن النتائج لم تكن كما توقعت.

اترك أول تعليق