منذ أعلنت Google عن دعم الكلمات المفتاحية السالبة ضمن حملات Performance Max، أصبحتُ أكثر حرصًا على تتبّع أداء هذا النوع من الحملات، خاصة في الحسابات التي أُديرها منذ فترة ولم أعد متأكدًا ما إذا كانت تخدم أهداف المشروع فعليًّا، أو تصل حقًا إلى الجمهور المستهدف.
ولأن أي تحليل جيد يبدأ من استبعاد الأسباب البدائية، دعني أوضح أولًا أنني لا أُطلق حملات Pmax جزافًا. بل أحرص دائمًا قبل تفعيلها على ضبط إشارات الجمهور بعناية: كلمات مفتاحية مدروسة، مواقع ذات صلة بالمجال، جماهير مخصّصة مسبقًا، وشرائح من زوار الموقع. هذا يُغلق الباب تقريبًا على احتمالية أن يكون سوء الاستهداف هو السبب.
التجربة التي سأحكيها هنا
هي تجربة حقيقية مع مطعم أُدير حملاته منذ فترة. قررت أن أختبر معه فاعلية Performance Max. في البداية بدت الأمور جيدة، لكن سرعان ما بدأ العميل يشتكي من زيارات واتصالات تأتيه من أشخاص يبحثون عن مطاعم منافسة. في البداية، تعاملت مع هذه الشكاوى باعتبارها هامشًا طبيعيًّا في الحملات، خصوصًا أني كنت قد استبعدت أسماء المنافسين في حملات البحث Search.
لكن استمرار الشكاوى، بالرغم من عمليات الاستبعاد، جعلني أوجّه نظري مباشرة إلى حملة Pmax.
الملاحظة الأولى: ظهور غير منطقي
منذ اليوم الأول للحملة، لاحظت أن ظهور الإعلان غير منضبط. هذا المطعم مثلًا متخصص في الأرز البخاري، لكن الإعلانات كانت تظهر لعمليات بحث عامة مثل “مطعم بيتزا” أو “مطعم فلافل” أو حتى أسماء علامات تجارية معروفة لا تمتّ له بصلة كـ “مشراق” و”الطازج”.
الأدهى من ذلك؟ حتى مع استبعادي للكلمات المفتاحية باستخدام Broad Match، ظل الإعلان يظهر في نفس هذه السياقات. وهذا مدخل تقني مهم: الاستبعاد بـ Broad يتطلب فهمًا دقيقًا لتأثيره، لأنه قد لا يكون بنفس دقة Phrase أو Exact، لكن حتى مع مراعاة هذه الفروقات، كانت النتائج محبطة.
أسبوع من الإنفاق… نصفه ذهب سدى
استمرت الحملة حوالي أسبوع. وخلال هذه المدة، ورغم أن التكلفة لكل نقرة بدت “جيدة”، إلا أنني شعرت بأن هناك خللًا في جمهور الحملة. فقررت أن أتوقّف وأُجري تحليلًا تفصيليًّا.
وضعت جدولًا بسيطًا قسّمت فيه النتائج إلى قسمين:
كلمات مفتاحية ذات صلة حقيقية بنشاط المطعم
كلمات ليست ذات صلة، رغم أن الإعلان ظهر فيها وتم استهلاك الميزانية خلالها
النتائج كانت كما يلي:
المعيار | كلمات ذات صلة | كلمات غير ذات صلة |
---|---|---|
عدد النقرات | 1316 | 1465 |
معدل النقر (CTR) | 20.00% | 18.00% |
تكلفة النقرة | 0.33 | 0.28 |
عدد التحويلات (Get Direction) | 1200 | 1500 |
تكلفة التحويل | 0.27 | 0.36 |
إجمالي التكلفة | 429 | 403 |
ببساطة، نصف الميزانية ذهب إلى استهداف غير مرتبط بالمطعم!وهذا رغم كل ما بذلته من جهد في ضبط إشارات الجمهور واستبعاد ما لا يُناسبه.
خدعة المتوسط: لماذا الأرقام تخدعك أحيانًا؟
الانطباع الأول قد يُغريك بالاستمرار. تكلفة النقرة لا تتجاوز 27 هللة، والتحويل (أي النقر على “الاتجاهات”) حوالي 30 هللة. أرقام تبدو رائعة!
لكن بعد تصفية النتائج، وجدت أن التكلفة الحقيقية للنقرة الفعّالة(تلك التي جاءت من كلمات ذات صلة) وصلت إلى ريال ونصف، وتكلفة التحويل تجاوزت 1.4 ريال، أي أعلى بثلاثة أضعاف من حملات البحث الاعتيادية.
وماذا عن العائد؟
نعم، الحملة حققت عائدًا جيدًا — حوالي 1:8 من حيث القيمة مقابل الإنفاق — ولكن لا يجب أن نغترّ بهذه النسبة دون فهم سياقها الكامل. لماذا؟
لأن “التحويل” في حالة هذا المطعم لم يكن بيعًا فعليًّا، بل نقرات على زر “الاتجاهات”، وهي نية غير مؤكدة، كما أن العميل نفسه أكّد أن بعض الزبائن الذين تواصلوا كانوا يقصدون مطاعم منافسة!
أما في حالة المتاجر الإلكترونية، فالأمر مختلف، إذ يمكن قياس التحويل بدقة أكبر (إتمام الطلب أو الشراء)، وحينها يكون العائد أكثر موثوقية.
خلاصة التجربة
هل الحملة فشلت؟ لا، بل نجحت رقميًّا.
هل أنصح بها؟ لا، في بعض الحالات فقط.
وأقصد هنا تحديدًا: إذا كان جمهورك مخصصًا جدًا (مطعم، عيادة، نشاط محلي بخدمة محددة)
أمَّا إذا:
- لم تكن قادرًا على تتبع التحويلات بدقة كاملة
- كنت لا تملك قدرة على السيطرة على الكلمات المفتاحية بشكل فعلي
فابتعد عن Performance Max، أو على الأقل لا تعتمد عليها وحدها.
شخصيًا، في الحملة التالية، قررت أن أُعيد توزيع الميزانية على أنواع حملات أخرى أكثر دقة، وكان ذلك قرارًا ساعدني على تحسين الأداء بشكل مباشر.
كلمة أخيرة
ما شاركته هنا هو تجربة، ليست قاعدة. وما وصلت إليه هو نتيجة خاصة، ليست حقيقة عامة. لهذا، إذا كانت لديك تجربة مع Pmax، أو وصلت إلى نتائج مختلفة، أو حتى ترى أن ما كتبته هنا يحتاج نقاشًا، يسعدني أن أستمع إليك.
فأداء الحملات الإعلانية ليس موضوعًا تقنيًّا فقط، بل يعتمد على السياق، والنشاط، وسلوك الجمهور، وطبيعة المنتج.