دعنا نتفق أن طرق البحث عن المعلومات واستهلاكها قد تغيرت جذريًا منذ نهاية عام 2022 مع ظهور ChatGPT.
ففد أحدثت تقنيات الذكاء الاصطناعي زلزالًا كبيرًا في جميع التخصصات، مهددةً بذلك وجود المدارس والطرق القديمة والقائمة لسنوات.
وإذا ما تحدثنا عن محركات البحث فهي ليست استثناءً؛ فقد تختفي إذا لم تتطور لتلبية احتياجات المستخدمين في البحث. و هذا ما أكده المدير التنفيذي لجوجل، “ساندر بيتشاي”، في قمة DealBook، لمَّا أشار إلى أن “جيميني” وحدها يستخدمها مليار مستخدم حول العالم.
ولكن، كيف ستتغير جوجل لمواجهة زلزال الذكاء الاصطناعي؟ وما هي التعديلات الجذرية التي تنتظرها في عام 2025؟ هذا ما سنناقشه في هذا المقال، فلنواصل.
رؤية جوجل وتموضعها في 2025
تسعى جوجل بجد لتحقيق رؤيتها لعام 2025، والتي تهدف إلى ترسيخ مكانتها كمصدر موثوق للمعلومات الصحيحة والدقيقة، وجعل هذه المعلومات سهلة الفهم والاستهلاك.
ولتحقيق هذه الرؤية، ستُجري جوجل ثلاثة تغييرات جذرية، سنستعرضها بناءً على ما ذكره ساندر بيتشاي.
تحسين فهم عبارات البحث المُعقدة
حتى اليوم، لا يمكنك كتابة عبارة بحث في جوجل تتجاوز الـ 5 كلمات، إذ يجب أن تتسم العبارة بالبساطة قدر الإمكان. بينما يُمكنك إعطاء أمر للذكاء الاصطناعي يتكون من 3-4 سطور، وسيُجيبك بدقة مستندًا إلى مصادر لم تكن تتخيلها.
وهذه واحدة من الميزات التي تعمل جوجل عليها؛ أن تصبح قادرة على فهم عبارات البحث المعقدة وتحسينها، وتقديم إجابات وافية ومباشرة، دون أن تُحيرك بتغيير وتعديل تلك العبارات عدة مرات للحصول على إجابة واحدة.
ويرجع السبب في تحقق هذه الميزة إلى تطوير جوجل لنماذجها المسؤولة عن فهم الأوامر والعبارات المعقدة، وهما BERT وMUM.
التكامل مع الذكاء الاصطناعي التوليدي
يقول ساندر بيتشاي إنه عند البحث على جوجل، بدلاً من الحصول على صفحة تحتوي على عشرة روابط زرقاء وبعض المقتطفات والميزات، ستحصل على إجابة واضحة تجيب على سؤالك مباشرة. هذه الإجابة مُولدة بواسطة الذكاء الاصطناعي.
وقد بدأت جوجل بالفعل في تطبيق ذلك من خلال تطوير ميزة “AI Overview“، التي تقدم إجابة مختصرة ومجمعة تستند إلى النتائج الخمس الأولى من محرك البحث.
ووفقًا لما ذكره ساندر بيتشاي، فإن هذه الطريقة لن تحسن كفاءة البحث فحسب، بل ستعزز أيضًا دقة وجودة المعلومات.
التمركز حول العميل
يعترف ساندر بيتشاي بوجود طوفان من المحتوى يجتاح الإنترنت اليوم، ومن المتوقع أن يزداد هذا الطوفان مع مرور الوقت. أمَّا عن الضائع وسط هذا الطوفان فهو المستخدم الذي يبحث عن الإجابة السهلة والصحيحة لسؤاله.
لا تنسَ أن رؤية جوجل هي إتاحة المعلومات الصحيحة والدقيقة، وسهلة الفهم والاستهلاك. وبالتالي، فهي ستسعى إلى تعزيز قدرتها على تنقيح المعلومات قدر الإمكان، وتقديم محتوى يتمتع بجودة فريدة وحقيقية للمستخدمين.
ما تداعيات وتأثيرات تحولات جوجل الجذرية في 2025؟
تخيل معي محرك بحث يسأله المُستخدم سؤاله – مهما كان معقدًا- فيحصل على إجابة بسيطة ومباشرة أمام عينيه، دون الحاجة للدخول إلى روابط أو زيارة عشرات المواقع للحصول على إجابة واحدة. تُرى، ما هو تأثير ذلك؟
دعنا نرى…
تحديات الظهور
في نماذج الذكاء الاصطناعي الحالية، تأتي إجابات الأوامر مرفقة بمصادرها. لكن هل فكرت يومًا في الضغط على المصدر لقراءته، أو حتى لاحظت اسم الناشر وعنوان النشر؟
وهذه هي المشكلة: تخيل أنك تبذل جهدك في إنتاج محتوى وكتابة مقالات تكلفك آلاف الدولارات، وفي النهاية يستهلك العميل المحتوى دون أن يزور صفحتك أو حتى يعرف عنك!
تحديات التربح
وهذه مشكلة أخرى ستواجه الأعمال عامةً وصناع المحتوى خاصَّةً.
فما زالت Google AdSense حتى اليوم مصدر دخل للعديد من المواقع الضخمة على الإنترنت.
بالإضافة إلى ذلك، يعتمد نموذج عمل التسويق بالعمولة إلى حد كبير على تحقيق حركة مرور عالية على صفحات ومواقع معينة. فإذا حدث ولم يرَ المستخدم المصدر أو لم يزرْه، فتلك خسارة كبيرة قد تواجهها الأعمال.
التحدي الإعلاني
تظهر إعلانات البحث على جوجل كأحد الروابط الزرقاء. فإذا اختفت هذه الروابط، أين سيعلن المعلنون؟ وماذا لو طبَّقت جوجل نموذج بينج، وجعلت الإعلانات تظهر كروابط داخل إجابات الذكاء الاصطناعي؟ ما هو تأثير ذلك، وما هي متطلبات الجودة فيه؟ وكيف يمكن أن يؤثر هذا على الأعمال عامةً؟
خاتمة
لم يقدم ساندر بيتشاي إجابة واضحة حول التحديات التي ستواجه جوجل في عام 2025، بل اكتفى بالقول إن صناع المحتوى وحركة المرور تحظى باهتمامه، دون توضيح كيفية التعامل مع هذه المشكلات.
وقد تُسفر هذه المُشكلات عن ردود فعل عنيفة من جانب صُناع المُحتوى، أولها منع محرك البحث من إجراء “Scraping & Crawling” للمحتوى، مما سيؤدي إلى تراجع كبير.
أما بالنسبة لك أنت، فإذا احتجت إلى مختص في التسويق بالمحتوى لوضع استراتيجية محتوى تناسبك وتتكيف مع الاتجاهات والمتغيرات المحتملة، مثل تغييرات جوجل وغيرها، يمكنك الاطلاع على سُبل التعاون معي، والتواصل معي دون تردد.
العلم النافع يجزي الله ناشره خيرًا، فاضرب لنفسك سهمًا.
تنبيه Pingback: ملايين من تقييمات الـ 5 نجوم تحذفها جوجل! تُرى ما السبب؟ - مؤمن محمد
تنبيه Pingback: أخبار ومُستجدات الذكاء الاصطناعي: ديسمبر 2024 - مؤمن محمد
تنبيه Pingback: كيف يؤثر ترتيب موقعك في محركات البحث على ظهوره في إجابات الذكاء الاصطناعي؟ [دراسة حديثة] - مؤمن محمد