حين نقول “حملات وعي”، فغالبًا ما يتبادر إلى الذهن أنها مرحلة واسعة، يُفترض أن تصل إلى أكبر عدد ممكن من الناس. وهذا التصور شائع، لكنه مضلل. فحتى هذه المرحلة – التي تبدو في ظاهرها عامة – يجب أن تبنى على اختيار دقيق للجمهور.

لا تبدأ الحملة قبل هذا السؤال:

من هو الشخص الذي يستحق أن أرفع وعيه بمنتجي؟

السؤال بسيط، لكن أثره كبير. لأنه لو أخطأت في الإجابة، ستبني حملتك على جمهور لا يهمه ما تقول، أو لا يملك قدرة شراء منتجك، أو يقارن سعرك بسوق مختلف تمامًا. والنتيجة؟ وعي بلا أثر، وتكلفة بلا مردود.

مثال واقعي يُوضح الفكرة

تخيل أنك تبيع منتجًا بسعر 100 ريال، في حين أن السوق يمتلئ بمنتجات مشابهة تُباع بـ 50 ريال، وأحيانًا 30. في هذه الحالة، رفع الوعي عند شريحة تشتري بـ 30 ريال ليس فقط غير مجدٍ، بل مضر.

فأنت تقدم لهم رسالة ستُقابل غالبًا بـ:

  • “غالي!”
  • أو: “فيه أرخص!”
  • أو: تجاهل كامل للعرض.

هذا النوع من الجمهور، وإن استهدفته في حملة وعي، فلن يتحوّل لاحقًا إلى عميل. ليس لأنه لا يحتاج المنتج، بل لأنه لا يراه خيارًا واقعيًا له. وبالتالي، كل ريال تُنفقه عليه هو هدر خالص.

لكن… أليست حملات الوعي هدفها “الانتشار”؟

الجواب: ليس بأي ثمن.

حملات الوعي هدفها الأساسي هو أن تعرف الفئة المناسبة بوجودك، وبما تقدمه، ولماذا يُفترض أن تهتم بك أصلًا. أما أن يعرفك الجميع بلا قدرة أو رغبة في الشراء، فهذا ليس وعيًا مفيدًا، بل ضجيج تسويقي.

المعيار هنا ليس عدد من شاهد إعلانك، بل:

  • هل كان مؤهلاً؟
  • هل فهم عرضك؟
  • هل يمكن أن يتحوّل إلى عميل؟

وهذا يتّسق مع ما أشار إليه تقرير حديث من Think with Google، إذ كشف أن الإعلانات التي تُبنى على إشارات نية المستخدم—مثل سلوك التصفح والبحث—تؤدي إلى زيادة في نية الشراء بنسبة 40%، وارتفاع في مستوى الاهتمام بالمنتج بنسبة 30%، مقارنة بالإعلانات التي تكتفي بالاستهداف الديموغرافي العام.

هذا يؤكّد أن الدقّة في اختيار الجمهور منذ مرحلة التوعية الأولى ليست مجرد ترف أو تحسين جانبي، بل عنصر جوهري في رفع كفاءة الإعلان وتحقيق أفضل عائد ممكن على الميزانية.

المفهوم الأهم: وعي موجه، لا وعي عشوائي

الوعي الناجح ليس واسع النطاق بقدر ما هو عميق الأثر. وأثره لا يقاس بعدد الزيارات، بل بنوع التفاعل الذي يُحدثه.

مثلًا:

  • لو وصلت رسالتك لـ10,000 شخص لا يمكنهم الشراء، فقد ربحت رقمًا خادعًا.
  • أما إن وصلت لـ1,000 شخص مهتم ومؤهل، ففرص البيع أعلى، وكفاءة الحملة أفضل.

كيف تحدد من يستحق الوعي؟

ابدأ بتحليل المنتج نفسه:

  • سعره، وموضعه في السوق.
  • الفئة التي تحتاجه فعلًا، وتستطيع دفع قيمته.
  • منافع تهم هذه الفئة تحديدًا.

ثم صمّم رسائل التوعية تناسبهم من حيث: الأسلوب، اللغة، الأمثلة، وحتى المنصات المستخدمة في الحملة.

خلاصة القول:

هل تفكّر في إطلاق حملة وعي قريبًا؟ تأكد أولًا أنك ترفع وعي من يستحق أن يسمعك. فالوصول بلا جدوى، مجرد ضجيج رقمي باهظ الثمن.

اترك تعليقك