لا شك أنك في أعقاب كل موسم من مواسم المبيعات، مثل رمضان والأعياد والمناسبات الوطنية والتجارية، تلاحظ حالة ركود كبيرة وعزوفاً للعملاء عن الشراء، وليس في ذلك إشكال كبير ما دامت فترة الركود لم تطُل أو لم تأتِ متزامنة مع موسم شراء.
لكن الإشكال الحقيقي هو أن تتوقف جهودك التسويقية في تلك الفترة بدعوى انخفاض معدل المبيعات بسبب الركود!
هذا خطأ كبير ترتكبه العديد من المتاجر والشركات، وتكلفة هذا الخطأ كبيرة حقيقةً وقد تتحول إلى فشل ذريع في موسم المبيعات المُقبل.
لذلك، أناقش معك في هذا المقال الطريقة المُثلى لاستثمار فترات الركود عقب مواسم المبيعات، وأهداف العمل بها، وكيف تحولها إلى فرصة حقيقية تعادل بها ضعف المبيعات أو تضاعف فرصك في الموسم المُقبل، فتابع معي…
قيِّم حملتك السابقة
هذه أول مهمة يجب أن تبدأ فيها فوراً عقب انتهاء حملتك لموسم المبيعات، وهي أن تقيّم حملتك المنتهية وتسأل نفسك عدة أسئلة منها:
- هل حققت الحملة أهدافها؟
- ما هي نقاط الضعف الملموسة خلال هذه الحملة؟
- هل نفذنا كافة الأنشطة والاستراتيجيات المُخطط لها؟
- ما هي الموانع التي حالت دون تنفيذ ما لم يُنفَّذ؟
الإجابة على هذه الأسئلة ستحدد أهداف العمل لديك في هذه المرحلة، وستكون المُنقِذ لك في حملة الموسم القادم!
ودعنا نضرب مثالاً…
هَبْ أنَّك خططت في حملة ما أن تطلق 3 حملات إعلانية، وتتعاقد مع مشهور، وتنشر 30 منشوراً على منصات التواصل، وفي نهاية الحملة حققت 70% فقط من المبيعات، فسألت نفسك: أين الخلل؟
لتكتشف بعد التحليل أن القصور كان في واحدة من هذه الأمور:
- ضعف الرسالة التسويقية في الإعلانات مع صعوبة إنشاء مواد بديلة.
- التصميم لم يكن جذاباً كفاية.
- النص الإعلاني ركيك وغير مناسب.
- التعاقد مع المشهور جاء متأخراً فتأخر إعلانه لك.
- أنك نشرت 15 منشوراً فقط بدلاً من 30.
هذه مجرد أمثلة، ولكنها تتكرر تقريباً في كل الحملات! وقد تختلف باختلاف الاستراتيجيات التي اعتمدتها، فقد تعتمد السيو، أو التسويق بالبريد… إلخ.
هذه المشكلات إما مشكلة في العمليات، أو مشكلة في التوظيف والكفاءات، وهي مشكلات لابد من وضع خطة لتحسينها وذلك بتحسين عملياتك، وتوظيف كوادر جديدة أو تدريب الحاليين، وقد يكون الحل في أن تبدأ حملتك القادمة باكراً لتجنب التأخير وتأخذ فرصتك في الاختبار!
المهم عندي هو أنَّك صرت تعرف أين تكمن المشكلة…
ضاعف مُكتسباتك وحقق أفضل عائد منها
مؤكد أنك قد حققت مكتسبات من حملتك التسويقية المُنتهية، والتي إما أن تكون:
- عملاء مكتسبين ومبيعات حقيقية.
- عملاء محتملين ببيانات اتصال.
والآن جاء وقت السؤال: في فترات الركود، قد يصعب اكتساب عملاء جدد بسبب العزوف عن الشراء، فكيف أستفيد من عملائي الحاليين؟
إليك بعض الأفكار لذلك:
أطلق حملة للمراجعات
تواصل مع العملاء الذين اشتروا منتجك واطلب منهم أن يقيموا متجرك إما في جوجل أو في المتجر. كذلك، يمكنك أن تحفزهم للكتابة عن تجربتهم مع منتجاتك في منصات التواصل على هاشتاج معين أو بعمل منشن لك.
البيع الإضافي والمُتبادل
كل منتج اشتراه عميلك، قطعاً هناك منتج يكمله لتحقيق المنفعة الكاملة منه، فلماذا لا تطلق حملة إعادة استهداف على العملاء الحاليين، كلٌّ وفق ما اشترى، وتعرض عليهم المنتجات التكميلية مع خصم إضافي؟
على سبيل المثال، لو أنَّ عميلك قد اشترى عطراً من العطور النهارية أو العطور المناسبة لبيئة الأعمال، فما رأيك لو تتواصل معه وتعرض عليه مزيلاً للعرق يناسب نفس الحالة ويفي بنفس الغرض؟
كذلك، لو أنَّك تعلم أنَّ عبوة مزيل العرق الواحدة تُستهلك في متوسط 15 يوماً من الاستخدام، فلماذا لا تتواصل مع عميلك بعد 10 أيام وتعرض عليه استهلاك 3 أشهر، 6 عبوات، وعليها هدية أو خصم إضافي؟
اقرأ في هذا السياق: النوافذ المنبثقة: دليل سريع لزيادة المبيعات وتحسين مُعدل التحويل؟
أطلق حملة للإحالات
من منا لا يحب أن يهدي تجربته الجيدة والمنافع التي حصل عليها إلى المقربين منه وينصحهم بها؟
لماذا إذاً لا تستفيد من هذه الفطرة، وتتواصل مع هؤلاء الذين استفادوا من منتجك وأعجبهم، وتعطيهم أكواد وبطاقات خصم على نفس المنتج بنفس السعر عند الترشيح من خلالهم، بالإضافة إلى كود خصم إضافي لهم عند الشراء للمرة القادمة من متجرك؟
افهم عميلك بعمق
العميل الذي جرب منتجك، من المؤكد أن له تعليقاً، إيجابياً أو سلبياً، على التجربة ككل، وعلى المنتج خصوصاً، فلماذا لا تتواصل باستبيان سريع مع العملاء لمعرفة آرائهم، وتجعل لهم هدية إضافية مقابل هذا الاستبيان؟
لا تبخل على عميلك بهدية في مقابل هذا الاستبيان، واعتبرها ضمن تكلفة تطوير المنتج أو التجربة، وليست فقط تكلفة نشاط تسويقي.
اقرأ في هذا السياق: كيف تدمج مصفوفة اتخاذ القرار في استراتيجية المحتوى، وتعزز بها المبيعات؟
اخلق لنفسك فرصاً جديدة
إلى جانب ما ذكرناه في الأعلى من محاولة لتعظيم المكتسبات قدر الإمكان، ما رأيك في بعض التكتيكات والاستراتيجيات السريعة لخلق فرص مبيعات جديدة، وليست مع العملاء السابقين؟ إليك التالي…
تكامل مع آخرين
ابحث عن عمل ينشط بعد موسم المبيعات، وفكر كيف يمكن أن يفيده منتجك، واعرضه عليه.
لنضرب على ذلك مثالاً:
هَبْ أنك تبيع التمور، ومعروف أن رمضان هو موسم التمور، ولكن ما رأيك في المبيعات بعد انتهاء الشهر؟ قطعاً ستتأثر، ولكن هل تعلم أن هناك صناعات أخرى قد تستفيد من التمور، وهذه الصناعات تنشط بعد رمضان؟
مثال ذلك الكافيهات العامة!
ليس هناك ألذ ولا أشهى ولا شيء صحي أكثر من التمر مع القهوة العربية، فلماذا لا تستهدف المقاهي بالتمور التي تبيعها مع شريحتين من الخصومات، الشريحة الأولى على الكميات، والشريحة الثانية في مقابل أن يُقدَّم التمر إلى جانب قصاصة ورقية تحمل اسم متجرك؟
هذا ما نسميه Win-Win Situation! وهذه مجرد أفكار فقط، والقائمة تطول…
استهدف فئات جديدة من العملاء
هَبْ أن هناك شركة سياحة تهتم بتنظيم البرامج والأفواج السياحية، هل تعتقد أن انتهاء شهر رمضان مثلاً، وعزوف زوار بيت الله الحرام عن رحلات العمرة استعداداً للحج، يوقف ويؤثر على نشاطها؟
كل ما تفعله هذه الشركات هو أنها تستهدف فئات مختلفة من الجمهور، إما جغرافياً أو ديموغرافياً.
فبينما كانت تركز على استهداف الجمهور المصري على سبيل المثال للسياحة الدينية في المملكة، الآن بإمكانها التركيز على الجمهور السعودي للسياحة الترفيهية في مصر، وهكذا…
كل ما تحتاجه هو أن تسأل نفسك سؤالاً: في هذا الوقت بالتحديد من السنة، هل هناك فئات أخرى من الجمهور قد تحتاج منتجي؟ وأين هم؟
تطوير منتجات أو حزم جديدة
هنا نكمل حديثنا عن شركات السياحة، فالشركة سالفة الذكر كمثال استهدفت جمهوراً مختلفاً، نعم، ولكنها أيضاً استهدفته بخدمة مختلفة!
أجل، قد تكون خدماتها ثابتة في طبيعتها، وهي السياحة، ولكنها أجرت تعديلاً بسيطاً فتحولت من السياحة الدينية إلى الترفيهية، كذلك قد تتحول من الترفيهية إلى الرياضية في المواسم الرياضية الأوروبية على سبيل المثال…
تطوير أفكار جديدة للمنتجات يفتح لك فرصاً جديدة حتى في أوقات الركود.
اتبع استراتيجيات أقل تكلفة
ما من عمل أبداً سيجاريك في مصروف إعلاني أو تسويقي عالٍ في أوقات الركود مهما كنت داهية في الإقناع، وهذه حقيقة لابد من أن نسلّم بها. لذا لابد من البحث عن البدائل التسويقية “الرخيصة” بدلاً من ذات التكاليف العالية، ومنها:
التسويق بالمحتوى
عندما نتحدث عن التكاليف، فالمحتوى يفوز وبلا منازع، وفي فترات الركود هذه هي فرصتك لتعزيز التفاعل وبناء العلاقات وتقوية الروابط مع عملائك، وذلك من خلال المحتوى التثقيفي والتفاعلي والترفيهي معهم!
الخلاصة هنا، أنك إذا فشلت في أن تقنع عميلك بالشراء في هذا الوقت، فلا تغب عن المشهد تماماً، كُن دائماً أمام ناظره حتى إذا ما جاءت الموجة الثانية من الشراء كنت مألوفاً له، والإنسان لا واعياً يشتري ممن يألفه…
التسويق عبر البريد الإلكتروني
ولا أقصد أن تقتصر هنا على البريد الإلكتروني فقط، بل ممكن الواتساب أيضاً.
فلماذا لا ترسل له رسالة تطلب منه الإذن في أن ترسل له رسالة دورية (كل أسبوع مثلاً) تحتوي على عدد من النصائح ذات الصلة بموضوع منتجك ومشكلات عميلك؟ كذلك الأمر بالنسبة للبريد الإلكتروني.
واعتمد هذه الطريقة كوسيلة من وسائل ترويج المحتوى القيّم الذي تنتجه.
التسويق عبر منصات التواصل
فترات الركود هي فترات ذهبية للتفاعل، إذ تخف الضغوط المرتبطة بالمبيعات، وتصير أقل إلحاحًا فيها، وهذا سيمنحك فرصة ذهبية وهي كسب القليل من ثقة العميل بسبب شعوره بأنك تتواصل معه لأهداف غير بيعية!
تفاعل مع الجمهور تفاعلًا استراتيجيًا، ومع المؤثرين في الصناعة والمهتمين بموضوعات منتجاتك، كوّن شراكات وأنتج محتوى تعاونيًا معهم وتأكد أن لذلك سيكون أثر كبير!
التخطيط للموسم القادم
هناك وعد واحد أعدك به بخصوص هذه النقطة:
قصِّر في التخطيط للموسم في مرحلة الركود، وستفشل حملاتك فيه!
في المواسم وضغط المبيعات، ليس هناك وقت للتخطيط، ليس هناك وقت للتفكير، ليس هناك وقت للتجريب، فقط حركة حركة حركة، ومن خلفك كالشوكة في ظهرك سؤال واحد فقط تسمعه مرتين أو ثلاث مرات يوميًا وهو:
كم بعنا اليوم؟
والشركة أو المتجر ليس مستعدًا لسماع أي شيء غير رقم المبيعات الذي ينتظره منك!
لذا، يجب أن تبدأ خطتك للموسم التالي واستعدادك بمجرد أن ينتهي الموسم الحالي.
خاتمة
دعنا الآن نلخص التوصيات بخصوص استثمار فترات الركود كالتالي:
- قيّم الموسم المُنتهي واخرج منه بتوصيات حول خطة عمل خلال فترة الركود.
- استفد من عملائك الحاليين قدر الإمكان.
- حاول أن تخلق فرصًا جديدة للعمل.
- اعتمد على استراتيجيات أقل تكلفة.
- خطط للموسم القادم.
وهكذا، وبإذن الله وحوله وقوته، سيتحسن أداؤك، وستحقق نتائج ممتازة في فترة الركود، وفي الموسم القادم…
والآن دعني أسألك سؤالًا:
هل لديك مدير تسويق يساعدك في هذا التخطيط واختيار الاستراتيجيات واستثمار هذه المراحل؟
إن لم يكن لديك، فلماذا لا تتواصل معي ونرى كيف يمكننا أن نتعاون سويًا في ذلك؟