أحيانًا لا يفشل التسويق بسبب ضعف الفكرة، أو لأن الميزانية صغيرة، أو حتى لأن السوق مُتشيبِّع.
وإنما يفشل ببساطة لأن المسوّق لا يعرف ما الذي يسوّقه بالضبط.
أنت تعرف مشروعك جيدًا. تعرف من هو عميلك، ما الذي يميّز منتجك، وما نوع الناس الذين يثقون بك ويشترون منك.
لكن المسوّق لا يعرف. وإذا لم تُعطه صورة دقيقة وواضحة عن مشروعك، فكل ما سيفعله سيكون نوعًا من التخمين المنظّم—ومع التسويق، التخمين مكلف.
غياب المعلومات الدقيقة، أو تقديمها بشكل مجتزأ أو مشوش، يجعل المسوّق يختار القنوات الخطأ، يكتب الرسائل الخطأ، ويستهدف الناس الخطأ.
وفي النهاية، لا النتائج ترضيك، ولا هو يفهم أين أخطأ.
فهل الحل أن تبحث عن مسوّق “أذكى”؟
لا. الحل أن تشرح له مشروعك بشكل يُشبه الطريقة التي تشرحه بها لشريك أعمال أو مستثمر. ببساطة، لأن المسوّق لا يصنع النتائج، بل يضبط عدسة التركيز. وإذا كانت العدسة مغبّشة، الصورة كلها ستخرج مشوشة.
قبل أي حملة: هذه المعلومات أهم من الفكرة الإبداعية نفسها
المسألة ليست أن تكتب له 5 سطور تعريفية وترسل رابط الموقع.
ولا أن تطلب منه “يشتغل ويجرب، وبعدها نشوف”.
المسألة أنك تمكّنه من اتخاذ قرارات تسويقية قائمة على فهم واقعي، لا على افتراضات.
فكّر بالأمر كما لو كنت تشرح مشروعك لمستثمر يضع ماله الخاص، لكنه لا يعرف السوق الذي تعمل فيه. ما الذي يحتاج أن يعرفه؟
نفس الشيء مع المسوّق، لكن بدلًا من المال، هو يضع قرارات وميزانية قد تعود عليك بالربح أو بالخسارة.
ما الذي يحتاجه المسوّق لفهم مشروعك فعلًا؟
1. نموذج العمل وكيف تكسب المال
هل تبيع مباشرة للعملاء؟ هل تعتمد على اشتراكات؟ مبيعات عبر الوكلاء؟
الفهم الخاطئ لنموذج العمل يغيّر طريقة استهداف الجمهور بالكامل.
مثال:
مشروع يبيع اشتراكات سنوية بسعر مرتفع يحتاج حملة مختلفة تمامًا عن منتج يُشترى مرة واحدة بـ 99 ريال.
2. من هو العميل الذي يشتري فعلًا؟
تحديد الفئة المستهدفة لا يعني فقط “رجال من 25 – 40 سنة”.
بل:
- من هم؟
- ما الذي يقلقهم؟
- ما الذي يدفعهم للشراء؟
- من أين عرفوا بك سابقًا؟
- وهل قرار الشراء سريع أم يحتاج وقت ومقارنة؟
هذه المعلومات تغيّر اللغة المستخدمة في الحملة، بل وحتى توقيت النشر.
3. ما الذي يميزك؟ ولماذا يشترون منك؟
لو سألت عميلك: “ليش اخترتنا؟”، ما الإجابة الأكثر تكرارًا؟
هل لأن سعرك أفضل؟ جودة أعلى؟ تصميم أنيق؟ تجربة عميل مميزة؟
هذه ليست “معلومات إضافية”، بل هي حجر الأساس للرسائل التسويقية.
4. وضعك الحالي في السوق
- هل هناك وعي مسبق بالعلامة؟
- هل يظن العملاء الجدد أنك تشبه منافسًا معينًا؟
- هل تواجهك ملاحظات متكررة في المبيعات أو الدعم الفني؟
كل هذه مؤشرات تساعد المسوّق على فهم الصورة الكاملة، لا فقط المنتج.
5. أرقامك السابقة، إن وُجدت
- كم عدد العملاء الحاليين؟
- كم تكلفة اكتساب العميل تقريبًا؟
- ما متوسط عمر العميل أو إنفاقه؟
- هل سبق أن جربت حملات ممولة؟ وما نتائجها؟
حتى لو كانت الأرقام متواضعة، تظل ذات قيمة. لأنها تكشف واقعك الحقيقي، لا المتوقَّع.
6. قدراتك التشغيلية
- كم طلب تستطيع تنفيذه في الأسبوع؟
- هل لديك خدمة عملاء فعّالة؟
- هل المنتج متوفر دائمًا أم حسب الطلب؟
أكبر خطأ يرتكبه المسوّق أحيانًا أن ينجح في جذب العملاء… دون أن تكون مستعدًا لاستقبالهم.
7. الهدف الحقيقي من الحملة
“أبغى مبيعات” ليست إجابة كافية.
هل هدفك اختبار منتج؟ رفع الوعي؟ تحسين الانطباع؟ جمع بيانات؟
وضح ما الذي تريد قياسه بنهاية الحملة، وما الأرقام التي تُرضيك فعليًا.
8. الميزانية وحدودها
ليس من الحكمة أن تقول: “سوّق لي، وبعدين نقعد نحسب”، أو “أنت إيش رايك، كم ممكن تكون ميزانيتنا!”.
الميزانية تحدد نوع الاستراتيجية من البداية.
10 آلاف ريال تُدار بطريقة مختلفة تمامًا عن 100 ألف.
والمسوّق الجيد لا يهتم فقط بالرقم، بل بتوزيعه:
- كم منها للإعلانات؟
- كم للإنتاج؟
- كم للاختبارات؟
- كم للاحتياط؟
مثال لتقريب الصورة: متجر أثاث منزلي فاخر
تخيَّل صاحب متجر يبيع أثاث فاخر مخصص.
أرسل للمسوّق هذه المعلومات:
- يستهدف العائلات في المناطق الراقية تحت التشطيب
- المنتج لا يُشحن، بل يُنفذ حسب الطلب
- متوسط قيمة الطلب 80 ألف ريال
- العلامة جديدة ولا يعرفها السوق
- لديه قدرة على تنفيذ 5 مشاريع شهريًا
- لا يمانع رفع الأسعار إذا زاد الطلب
بهذا، استطاع المسوّق أن يبني حملة مختلفة تمامًا عن “تعالوا شوفوا منتجاتنا”.
بنى حملة تعتمد على القصص المصورة، تركّز على التميز لا على السعر، وتُدار على مدى زمني أطول ليتماشى مع دورة اتخاذ القرار الطويلة لدى العميل.
ما الشكل الأفضل لتجهيز هذه المعلومات؟
لا تعقّد الأمر.
أنشئ ملف Google Doc، أو PDF بسيط، أو حتى عرض تقديمي مختصر، يحتوي:
- من أنت؟
- ماذا تبيع؟
- من هو عميلك؟
- ما الذي يميزك؟
- ما وضعك الحالي؟
- ما هدفك؟
- وما القيود أو التحديات؟
سيساعدك هذا الملف لاحقًا حتى في اختيار المسوّق المناسب، لأنه سيكشف لك من يفهمك فعلًا، ومن يبيع لك “كلام تسويق”.
خلاصة القول
المسوّق ليس مسؤولًا عن اختراع قصة مشروعك، بل عن إيصالها.
وإذا لم تُعطه القصة كاملة، سيفترضها—وغالبًا سيخطئ.
والأخطر من ذلك؟ أن تفشل الحملة، وتظن أن الخطأ في المنفّذ، بينما الحقيقة أن أساس البناء كان ناقصًا من البداية.
في كل حملة تسويقية، المعلومات هي الاساس لبداية سليمة، ونهاية سعيدة!
اقرأ أيضًا:
- هل تحتاج إلى مسوّق إلكتروني؟ إليك كل ما يجب أن تعرفه قبل أن تدفع ريالًا واحدًا
- متى يجب أن تنهي العلاقة مع المسوّق؟ [علامات حمراء لا يجب تجاهلها]
- ماذا تفعل عندما ترفضك الشركات لأنهم وجدوا <<أرخص منك>>؟
- متى يكون التعاون مع مسوّق مستقل هو الخيار الأمثل لعملك؟
- المسوّق أم المشروع؟ أين تقع المشكلة الحقيقية عندما تفشل الحملة التسويقية؟
- قبل التعاون مع مسوّق: 6 أخطاء شائعة تُفسد العلاقة وتفشل العمل من البداية
- لاختيار المسوّق المناسب، افهم مشروعك أولًا!
قد يُعجبك أيضًا: