بعد طول عناء وبحث، قرّرت أخيرًا أن تستعين بمسوّق إلكتروني لتنمية مشروعك. بدا محترفًا، سيرته الذاتية مشجّعة، وربما وصل إليك من توصية صديق تثق به.
لكن بعد أسابيع قليلة، تبدأ التوتّرات في الظهور:
- النتائج لا ترتقي للتوقعات.
- التواصل غير واضح أو متقطّع.
- وكل طرف يشعر أن الآخر لا “يفهمه”.
في كثير من الحالات، لا تكون المشكلة في الكفاءة… بل في الطريقة التي بدأ بها التعاون، أو التوقعات غير المعلنة، أو الفجوات التي لم تُغلق من البداية.
في هذا المقال، سنستعرض سويًا أكثر الأخطاء شيوعًا عند بدء التعامل مع المسوّقين، وكيف تتجنّبها منذ اللحظة الأولى. ليس فقط لتوفّر وقتك ومالك، بل لتبني علاقة مهنية تُثمر على المدى الطويل.
أولًا: التوقّعات غير المعلنة
أحد أكثر الأخطاء شيوعًا هو بدء العلاقة دون أن يعبّر كل طرف بوضوح عمّا يتوقّعه فعلًا.
هل الهدف هو رفع المبيعات فورًا؟ أم بناء علامة تجارية على المدى الطويل؟
ما النتيجة التي تُعتبر “نجاحًا”؟ وفي أي إطار زمني؟
حين تُترك هذه الأسئلة معلّقة، يبدأ كل طرف في تفسير الأمور بطريقته. صاحب المشروع ينتظر قفزة سريعة في المبيعات، بينما المسوّق يضع خطة محتوى تمتد لستة أشهر.
التصرف الصحيح: لا تفترض… بل صرّح. حدّد الهدف بدقة، وضع مؤشرات أداء واضحة (KPIs)، وتأكد من أن المسوّق يفهم السياق كاملًا، لا مجرد الكلمات.
بدلًا من أن تقول: “أريد أن أنمو”، قل بوضوح: “أسعى لزيادة الطلبات عبر المتجر بنسبة 20٪ خلال 3 أشهر، بميزانية إعلانية لا تتجاوز 10 آلاف ريال”.
ثانيًا: تجاهل الفهم العميق للمشروع
في كثير من الحالات، يرسل صاحب المشروع نبذة مختصرة عن المنتج، ثم يتوقّع من المسوّق أن يبدأ فورًا في تنفيذ الحملات. لكن الحقيقة أنّ أي تسويق لا ينبني على فهم دقيق لن يثمر.
من دون معرفة:
- من هو عميلك المثالي فعلًا؟
- ما القيمة الفريدة التي تقدمها؟
- ما نقاط التمايز عن المنافسين؟
لن يتمكن المسوّق من صناعة حملة تُحدث فرقًا.
التصرف الصحيح: خصّص وقتًا في البداية لجلسة تعريفية عميقة. لا تكتفِ بالمعلومات السطحية. شارك قصصًا من الميدان، وتحدّث عن مواقف حقيقية، ودع المسوّق يسأل كثيرًا… فكل إجابة تضعه على الطريق الصحيح.
المشاريع التي تُبنى على فهم مشترك، تُثمر أسرع، وتتعثر أقل.
ثالثًا: تحميل المسوّق ما لا يحتمل
المسوّق ليس صانع قرار تجاري، ولا ساحرًا يُنقذ مشروعًا يعاني من مشكلات أعمق من التسويق نفسه.
كثير من حالات “فشل الحملة” لا تعود إلى ضعف التنفيذ، بل إلى مشكلات في لبّ المشروع: تسعير غير منطقي، تجربة مستخدم مربكة، أو منتج لا يحلّ مشكلة حقيقية.
التصرف الصحيح: حدّد بوضوح مسؤوليات كل طرف. المسوّق يُجيد توصيل الرسالة، لكنّه لا يستطيع تعويض ضعف المنتج، أو تجاهل خلل في تجربة العميل. كن مستعدًا لتعديل ما يلزم، إن ظهرت مؤشرات تستدعي ذلك.
لا تطلب من المسوّق أن يُقنع السوق بما لا تقتنع به أنت.
رابعًا: ضعف أو صعوبة التواصل
كثير من المشكلات بين صاحب المشروع والمسوّق لا تبدأ من العمل نفسه… بل من طريقة التواصل حوله.
لا يوجد وقت محدد للاجتماعات. لا وسيلة تواصل واضحة. لا تقارير تُظهر ما يحدث فعليًا. ومع الوقت، تتسلل الفجوات، وتضعف الثقة.
التصرف الصحيح: اتفق منذ اليوم الأول على خريطة تواصل واضحة، تشمل:
- وسيلة التواصل الأساسية: هل ستعتمدون البريد؟ Slack؟ واتساب؟
- جدول الاجتماعات: هل يناسبك لقاء أسبوعي؟ نصف شهري؟
- شكل التقرير: هل تفضل Dashboard رقمي؟ أم ملخّص تحليلي شهري بالأرقام والتوصيات؟
وضوح الآلية يُنقذ العلاقة، ويجعل الطرفين يركّزان على ما يهم فعلًا: النتيجة.
خامسًا: الحكم على الزرع قبل أن ينبت
أحد أكثر الأخطاء شيوعًا هو التسرّع في التقييم. بعد أسبوع أو أسبوعين من بدء العمل، تبدأ الأسئلة:
“أين النتائج؟ لماذا لم تتضاعف الطلبات؟ هل المسوّق لا يعرف ما يفعل؟”
لكن الواقع مختلف.
في الأسابيع الأولى، يكون التركيز على:
- فهم الجمهور بدقة
- بناء الرسائل المناسبة
- اختبار القنوات وتحليل التفاعل
التصرف الصحيح: راقب المؤشرات الأولية (مثل معدلات النقر، أو جودة التفاعل)، لكن لا تحكم على نجاح التجربة أو فشلها قبل مرور دورة زمنية كافية — غالبًا بين 4 إلى 12 أسبوعًا حسب طبيعة النشاط والموسم.
التسويق ليس زرًا سحريًا… بل عملية نضج تحتاج وقتًا، وتحليلًا، وتعديلات مستمرة.
سادسًا: ترك العمل دون توثيق
التعاون في جو من الثقة مهم، لكن في عالم الأعمال لا يكفي الكلام المتبادل فقط. كثير من الخلافات التي نراها تبدأ من غياب الاتفاقات الواضحة على التفاصيل الأساسية:
- من المسؤول عن تصميم الصور والمواد البصرية؟
- هل تكاليف الإعلانات مضمنة ضمن العقد أم منفصلة؟
- من يملك الحسابات الإعلانية؟ وكيف تتم إدارتها؟
التصرف الصحيح: وثّق كل شيء بدقة، حتى أدق التفاصيل. إطار عمل واضح يحمّي حقوق الجميع ويجنبك نزاعات لا داعي لها.
الخلاصة:
العلاقة الناجحة مع المسوّق لا تُبنى على المهارات وحدها، بل على الوضوح، والتفاهم، واحترام الأدوار.
ما تحتاجه في البداية ليس خطة معقدة، بل أربع ركائز لا غنى عنها:
- هدف واضح
- تواصل منتظم
- توقّعات واقعية
- وثقة متبادلة
ابدأ من هذه النقاط… وستتفاجأ كيف يمكن لتعاون بسيط أن يفتح لك أبواب نتائج لم تكن تتوقعها.
قد يُعجبك أيضًا:
- بعد التعاقد: كيف تُتابع أداء المسوّق دون أن “تخنقه”؟
- قبل أي حملة تسويقية: هذا ما يجب أن يعرفه المسوّق عن مشروعك بالتفصيل
- متى يجب أن تنهي العلاقة مع المسوّق؟ [علامات حمراء لا يجب تجاهلها]
- متى يكون التعاون مع مسوّق مستقل هو الخيار الأمثل لعملك؟
- المسوّق أم المشروع؟ أين تقع المشكلة الحقيقية عندما تفشل الحملة التسويقية؟