من الأسئلة التي تتكرر كثيرًا – خاصة من أصحاب المشاريع الناشئة أو ممن يخطون خطواتهم الأولى في الإعلانات الرقمية – هو:

“ما هي أقل ميزانية ممكنة للإعلان على المنصة الفلانية؟”

قد يبدو السؤال منطقيًّا في ظاهره، لكنه في الحقيقة يعكس خللًا في فهم طبيعة الترويج المدفوع، ويكشف عن نقطة غائبة:

في التسويق المدفوع، الأهم من الميزانية هو فهم “تكلفة النتيجة”.

المشكلة ليست في قلة الميزانية… بل في طريقة التفكير

السؤال عن “أقل ميزانية” يوحي بأن الهدف هو الإنفاق بأقل قدر ممكن، لا الوصول إلى نتائج فعلية.

لكن الحقيقة أن الإعلانات ليست تبرعًا ولا تجربة عشوائية، بل هي أداة لتحقيق أهداف:

  • زيادة المبيعات
  • جلب العملاء المحتملين
  • رفع الوعي بالعلامة
  • أو حتى اختبار السوق

فإذا لم يكن لدى العميل تصور واضح لما يريد تحقيقه، فإن أي ميزانية – مهما كانت – قد تكون مضيعة.

المفهوم الصحيح: تكلفة النتيجة أولًا، ثم الميزانية

قبل أن تسأل عن الميزانية، اسأل نفسك:

ما هي النتيجة التي أريد الوصول إليها؟

ثم اسأل: كم تكلّف هذه النتيجة؟

وهذه التكلفة – التي تُعرف غالبًا بـ CPA (Cost Per Acquisition) أو CPL (Cost Per Lead) أو CPP (Cost Per Purchase) – لا تُكتشف من أول يوم.

بل تحتاج إلى اختبار، وتحليل، ووقت.

مثال عملي يوضّح الصورة

تخيل أنك أطلقت حملة إعلانية على فيسبوك، واستمرّت لمدة شهر، وخلال هذه الفترة استقر متوسط تكلفة المبيعة الواحدة (CPP) عند 10 ريالات.

هذا معناه ببساطة:

  • كل 10 ريالات تنفقها = مبيعة واحدة
  • فلو أردت 100 مبيعة → أنفق 1,000 ريال
  • ولو أردت 1,000 مبيعة → أنفق 10,000 ريال

وهكذا…

الميزانية هنا لم تعد سؤالًا عشوائيًا، بل رقم مبني على أداء واقعي يمكن التنبؤ به وتحسينه.

متى يكون السؤال عن “أقل ميزانية” منطقيًا؟

يُطرح هذا السؤال في حالات محدودة مثل:

  • اختبار أولي لحملة جديدة
  • التأكد من أن البنية الإعلانية تعمل كما ينبغي (روابط، صفحات، رسائل)
  • مشاريع ذات ميزانية شديدة التقييد

لكن حتى في هذه الحالات، يجب ألا يكون الهدف “الإنفاق القليل”، بل التعلم بأقل تكلفة ممكنة، مع إدراك أن النتيجة الكاملة ستحتاج ميزانية أكبر.

نصيحة أخيرة لأصحاب المشاريع

قبل أن تسأل مدير الحملة أو فريق التسويق: “ما أقل ميزانية ممكنة؟”

اسأل:

  • ما تكلفة العميل المحتمل بالنسبة لنشاطي؟
  • ما متوسط تكلفة البيع في هذا القطاع؟
  • كم نتيجة أحتاج لأقول إن الحملة ناجحة؟
  • ما الموارد المتاحة لتجربة وتحسين الأداء؟

بذلك، تتحول من باحث عن “أقل تكلفة” إلى صاحب قرار تسويقي ناضج يزن المال بالعائد.

الخلاصة

الإعلانات لا تعمل بالحد الأدنى من الميزانية، بل بالحد المناسب لتحقيق النتيجة.

ابدأ من حيث يجب:

النتيجة التي تريد تحقيقها، وتكلفة الوصول إليها.

بعدها فقط يصبح سؤال الميزانية سؤالًا منطقيًا… وقابلًا للإجابة.

هل مررت بهذه التجربة من قبل؟ شاركني وجهة نظرك أو دعنا نُخطط لحملتك القادمة بعقلية النتائج، لا القيود.

اترك أول تعليق