عندما تبدأ في التخطيط لتوزيع ميزانيتك التسويقية، غالبًا ما تواجه السؤال الكبير: هل أستثمر أكثر في تحسين محركات البحث (السيو)، أم أخصص الحصة الأكبر للإعلانات المدفوعة بالنقرة (الإعلانات المدفوعة)؟ الحقيقة أنه لا توجد إجابة واحدة صحيحة تناسب الجميع، فالأمر أشبه بضبط ميزان حساس يتأثر بأهداف العمل، والفترة الزمنية المتاحة، وطبيعة النتائج المرجوة.

ما الذي تدفع مقابله فعلًا؟

لفهم كيفية توزيع الميزانية، من المهم أن نبدأ بفهم الفرق الجوهري بين السيو والإعلانات المدفوعة.

الإعلانات المدفوعة أشبه بمفتاح النور: تدفع مقابل كل نقرة، وتحصل على ظهور فوري. على سبيل المثال، إذا كانت تكلفة النقرة الواحدة 3 ريالات، وميزانيتك 10,000 ريال، يمكنك التنبؤ بالحصول على ما يقرب من 3,300 نقرة. لهذا السبب، تميل الفرق التي تعمل تحت ضغط الأرقام والأهداف السريعة إلى الاعتماد على الإعلانات المدفوعة، لأنه يُترجم مباشرة إلى زيارات وتحويلات.

أما السيو فهو كمن يزرع شجرة مثمرة. لا تدفع مقابل كل زيارة، بل تبني حضورًا رقميًا عضويًا من خلال تحسين محتوى موقعك، هيكله الفني، وبناء روابط خارجية ذات جودة. النتيجة؟ نمو تراكمي، وتكلفة منخفضة لاكتساب العملاء على المدى الطويل. ولكن، لا تتوقع نتائج فورية—فثمار السيو تحتاج إلى وقت حتى تنضج.

متى ترجّح كفة الإعلانات المدفوعة ومتى تستثمر في السيو؟

لنقل إنك بصدد إطلاق منتج جديد، أو تسعى لتحقيق أهداف بيعية خلال ربع مالي. في هذه الحالة، الإعلانات المدفوعة هو رهانك الأفضل لأنه يمنحك حركة فورية ونتائج قابلة للقياس. أما إذا كان هدفك بناء حضور رقمي مستدام وتقليل تكلفة الاكتساب بمرور الوقت، فإن السيو هو خيارك الاستراتيجي.

لهذا السبب، كثير من الشركات تبدأ بتوزيع تقريبي مثل 70% لـالإعلانات المدفوعة و30% لـ السيو، ثم تُعيد ضبط الميزان تدريجيًا مع تحسن ترتيب الموقع العضوي.

لكن الأمر لم يعد كما كان…

مع تطورات الذكاء الاصطناعي ومحركات البحث، بدأت خريطة السيو تتغير. اليوم، نرى محركات مثل Google تقدم إجابات مباشرة باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، مما يقلل من فرص النقر على الروابط العضوية. فكيف تتأقلم مع هذا الواقع الجديد؟

  • استخدم البيانات المنظمة (مثل schema markup) لمساعدة محركات البحث على فهم محتواك بشكل أفضل.
  • حسّن سرعة وأداء الموقع لتقديم تجربة مستخدم سلسة.
  • استثمر في محتوى متنوع الوسائط مثل الفيديوهات والرسوم التوضيحية.
  • ولا تنسَ تحديث محتواك باستمرار ليبقى ملائمًا وحديثًا.

مثال واقعي لتوزيع الميزانية

افترض أن ميزانيتك السنوية للتسويق الرقمي تبلغ 100,000 ريال. يمكنك تخصيص 80,000 ريال لإعلانات الإعلانات المدفوعة، ما قد يحقق لك 25,000 نقرة و500 تحويل تقريبًا (على سبيل المثال). أما الـ20,000 ريال المتبقية، فستُستخدم لتحسين السيو عبر إنتاج محتوى، بناء روابط، وصيانة تقنية. صحيح أن نتائج السيو قد لا تظهر إلا بعد 3 إلى 6 أشهر، لكنها تبدأ بعدها في جلب زيارات مستمرة دون تكلفة لكل نقرة.

نصائح لإدارة الميزانية بفعالية

  1. خصص جزءًا من ميزانية السيو للصيانة والتحديثات الدورية.
  2. استثمر في تحسين صفحات الهبوط لتحويل الزيارات إلى عملاء فعليين.
  3. وزّع الإعلانات المدفوعة بين حملات بحث، عرض، وإعادة الاستهداف.
  4. ركّز على إعادة استهداف الجمهور الذي أبدى اهتمامًا مسبقًا لتحسين الكفاءة.

تواصل بذكاء مع الإدارة العليا

إذا أردت إقناع الإدارة بتوزيع الميزانية، فاعتمد التشبيه التالي:

الإعلانات المدفوعة كأنبوب ماء تفتحه ويبدأ الجريان فورًا. بينما السيو يشبه حفر بئر، يأخذ وقتًا ومجهودًا، لكنه يوفّر مصدرًا مستدامًا لا ينضب بسرعة.

قدّم لهم نماذج مالية مبنية على سيناريوهات مختلفة توضح تأثير كل خيار على عدد الزيارات وتكلفة التحويل.

خلاصة القول

لا يوجد توزيع مثالي ثابت بين السيو والإعلانات المدفوعة. النجاح يكمن في المواءمة بين أهدافك الآنية واستراتيجيتك طويلة المدى. راقب الأداء، وكن مرنًا، وحدث توزيع الميزانية دوريًا وفقًا للتغيرات في السوق ونتائج الحملات. التسويق الناجح ليس وصفة جاهزة، بل قرارات ذكية تتخذها اليوم لبناء نتائج الغد.

اترك تعليقك