غالبًا ما تُتهم حملات التوعية بأنها لا تُنتج نتائج ملموسة، خصوصًا في الأسواق التي تبحث عن أرقام سريعة ومبيعات فورية. لكن حملة واحدة من سلسلة مطاعم “شاورمر” في السوق السعودي أثبتت العكس تمامًا — وبلغة الأرقام لا الشعارات.
في واحدة من أنجح التجارب المحلية الحديثة، نفذت “شاورمر” حملة توعية ذكية استهدفت بناء حضور قوي على منصة تيك توك، معتمدة على مزيج من المحتوى الترفيهي والمؤثرين المحليين. والنتائج لم تكن عادية.
28 مليون مستخدم وصلتهم الرسالة
بحسب البيانات الرسمية الصادرة عن TikTok for Business، استطاعت الحملة الوصول إلى أكثر من 28 مليون مستخدم — رقم ضخم لأي حملة توعية في السوق السعودي، ويعني ببساطة أن الشريحة المستهدفة تمّت تغطيتها بفاعلية.
لكن الوصول وحده لا يكفي. السؤال الأهم هو:
هل أثمر هذا الوصول عن شيء ملموس؟
والإجابة باختصار: نعم، وبقوة.
ارتفاع المبيعات بنسبة 27.5%
بعد تنفيذ الحملة، سجّلت “شاورمر” ارتفاعًا في مبيعات التطبيق بنسبة 27.5%.
هذا الرقم لا يمكن أن يُنسب إلى مصادفة أو ظرف خارجي، بل هو نتيجة مباشرة لفعالية الحملة في ربط الترفيه بالعلامة، وبناء وعي أدى إلى سلوك شرائي.
هذه النتيجة تعيد تأكيد النظرية التي تقول إن الوعي هو الشرارة الأولى لأي قرار شراء. الناس يشترون ما يعرفونه، وما يحبونه، وما يُشبههم — وهذا بالضبط ما نجحت “شاورمر” في تحقيقه.
عائد استثنائي على الإنفاق الإعلاني
النتيجة الأكثر إثارة للإعجاب كانت في العائد على الاستثمار.
وفقًا لنفس التقرير، حققت الحملة عائدًا تجاوز 17 ضعفًا على كل ريال تم إنفاقه في الإعلان (ROAS = +1700%).
وهذا رقم يُعد من أعلى المعدلات الممكنة حتى في أفضل الحملات البيعية، فما بالك بحملة توعية!
نجاح بهذا الحجم يؤكد شيئًا واحدًا:
أن التوعية ليست رفاهية، وليست “تمهيدًا غامضًا” لما بعد، بل يمكن أن تكون مصدرًا مباشرًا للقيمة، شرط أن تُنفذ بطريقة تفهم الجمهور، وتتحدث بلغته، وتُقدّم له تجربة لا تُنسى.
لماذا نجحت الحملة؟
عدة عناصر تضافرت وراء هذا النجاح:
- اختيار المنصة الصحيحة: تيك توك هو موطن المحتوى الخفيف والسريع والتفاعلي، وهو ما يناسب تمامًا جمهور “شاورمر”.
- الاعتماد على المؤثرين المحليين: الذين يمتلكون علاقة حقيقية مع متابعيهم، ويعرفون كيف يقدمون العلامة بطريقة أصيلة وليست إعلانية فجّة.
- محتوى ترفيهي لا دعائي: الحملة لم تُروّج مباشرة للمنتج، بل قدّمت محتوى مرحًا ومرتبطًا بهوية “شاورمر”، مما جعل العلامة جزءًا من ثقافة المنصة لا مجرد إعلان عابر.
- ربط مباشر بالتطبيق: جميع جهود التوعية كانت مربوطة بهدف عملي واضح: تحميل التطبيق والطلب من خلاله، وهو ما يجعل قياس النتائج دقيقًا وسهلًا.
خلاصة القول
إذا كنت تعتقد أن حملات الوعي لا تبيع، فربما تحتاج إلى إعادة النظر في طريقة تنفيذك لها.
فالحقيقة أن الوعي الجيّد لا يُمهّد للبيع فقط، بل يُنجزه بأقل تكلفة، وأعلى ولاء.
“شاورمر” لم تغيّر السوق، لكنها فهمته.
وهذا هو الفارق.