في ظل انتشار أدوات الذكاء الاصطناعي وتحوّلها إلى جزء أساسي من صناعة المحتوى، تكرّر سؤال ملحّ لدى كثير من أصحاب المواقع والمسوّقين وصنّاع المحتوى:

هل جوجل تعاقب الصفحات التي تعتمد على محتوى مكتوب بواسطة الذكاء الاصطناعي؟

هذا السؤال ليس نظريًا، بل عملي للغاية، لأن أي قرار خاطئ في هذا الصدد قد يؤثر على ترتيب الموقع في نتائج البحث، ويؤدي إلى تراجع الزيارات، بل وربما فقدان الثقة في المحتوى المنشور.

لكن جاءت الإجابة هذه المرة من مصدر موثوق وبيانات واسعة.

دراسة Ahrefs: الأرقام تقول كلمتها

في دراسة تحليلية أجرتها Ahrefs – وهي واحدة من أكثر الأدوات شهرة في عالم الـ SEO – تم تحليل 600,000 صفحة ويب بهدف معرفة ما إذا كان هناك علاقة بين استخدام الذكاء الاصطناعي في إنتاج المحتوى وترتيب الصفحات في نتائج بحث جوجل.

النتائج كانت لافتة:

  • 4.6% من الصفحات كانت تعتمد على محتوى مكتوب بالكامل بواسطة AI.
  • 81.9% كانت مزيجًا بين محتوى بشري وآلي.

ومع ذلك، لم يظهر أي ارتباط إحصائي واضح بين نسبة اعتماد الصفحة على الذكاء الاصطناعي وترتيبها في نتائج البحث.

فقد بلغ معامل الارتباط (Correlation Coefficient) ما يقارب 0.011، وهي قيمة تكاد تقترب من الصفر، مما يعني:

“لا علاقة يُعتدّ بها بين استخدام الذكاء الاصطناعي وتصنيف الصفحة.”

ما الذي نستنتجه من هذه الدراسة؟

ببساطة: جوجل لا تكافئ ولا تعاقب المحتوى فقط لأنه مكتوب بالذكاء الاصطناعي.

بل ما يهم جوجل فعلًا، كما تكرّر في بياناتها الرسمية، هو:

  • جودة المحتوى.
  • مدى فائدته للمستخدم.
  • وضوحه وتنظيمه.
  • موثوقيته ودقّته.

وهذا يتّسق مع تحديث “محتوى مفيد للمستخدم” (Helpful Content Update) الذي شدّدت فيه جوجل على أن طريقة إنشاء المحتوى ليست المشكلة، بل قيمته الحقيقية لمن يقرأه.

إذًا، هل يُنصح باستخدام الذكاء الاصطناعي في الكتابة؟

الإجابة ليست “نعم” مطلقة، ولا “لا” قاطعة.

بل ينبغي التفكير في الذكاء الاصطناعي كأداة مساعدة، لا كبديل للتفكير البشري ولا كاختصار لجودة النص.

مثال تطبيقي:

افترض أنك تدير موقعًا عن الاستثمار الشخصي.

إذا استخدمت الذكاء الاصطناعي في كتابة مقال بعنوان: “كيف تستثمر راتبك في بداية العشرينيات؟”

فالأهم أن يكون المقال:

  • واقعيًا.
  • مبنيًا على مصادر موثوقة.
  • يتضمن نصائح مفيدة قابلة للتطبيق.
  • ويأخذ بعين الاعتبار السياق المحلي والثقافي للقراء.

أما إذا كان النص عامًا، مكررًا، بلا عمق أو فهم حقيقي، فستُقلّ احتمالات ترتيبه الجيد، سواء كُتب يدويًا أو آليًا.

ماذا يعني هذا لأصحاب المواقع والمسوّقين؟

يمكنك الاستفادة من أدوات الذكاء الاصطناعي لتسريع الكتابة، توليد الأفكار، تحسين الصياغة.

لكن لا تتنازل عن جودة المحتوى، ولا تعتمد على الإخراج الآلي دون مراجعة وتحرير وتحقيق.

ركّز على نية المستخدم: ما الذي يبحث عنه؟ ما الأسئلة التي تدور في ذهنه؟ كيف تُجيب عنها بوضوح وقيمة؟

خلاصة المقال:

جوجل لا تفرّق بين المحتوى الآلي والبشري من حيث الأسلوب، بل من حيث الفائدة.

فإن كان المحتوى عالي الجودة، منظمًا، دقيقًا، يخدم المستخدم فعلًا — فلن يضيره إن كُتب بالذكاء الاصطناعي أو غيره.

لكن إن كان سطحيًا، مكررًا، يفتقر للمنطق أو لا يضيف جديدًا، فسيُهمَّش في صفحات النتائج، مهما كانت طريقة إنتاجه.

الخلاصة باختصار؟

لا تسأل إن كان المحتوى مكتوبًا بالذكاء الاصطناعي… بل اسأل: هل يستحق أن يُقرأ؟

اترك تعليقك