من الأسئلة التي تُطرح كثيرًا عند التخطيط لحملات التوعية أو ما يعرف بـ Top of Funnel Campaigns:
“هل نقدر فعلاً نقيس مردودها على العمل؟
وإذا كان ممكنًا، فكيف نعرف أن الحملة نجحت فعلًا؟”
سؤال مشروع، خاصة في ظل الضغوط المستمرة على الميزانيات، والحاجة لربط كل إنفاق بعائد ملموس. لكن، قبل أن نبحث عن مؤشرات أداء دقيقة، نحتاج أن نفهم أولًا: ما الذي يُنتظر أصلًا من حملة وعي؟
حملات الوعي لا تُقاس بالمبيعات المباشرة
الخطأ الشائع هو الحكم على حملات الوعي بناءً على الأثر البيعي الفوري.
لكن الهدف الأساسي منها ليس البيع المباشر، بل:
- تعريف الجمهور المستهدف بك(اسمك، نشاطك، قيمتك).
- خلق انطباع أولعن العلامة التجارية.
- زرع الفضول أو الاهتمام المبدئي.
أي محاولة لقياس هذه النتائج بأرقام المبيعات فقط ستكون ظالمة للحملة، وتحرمك من رؤية أثرها الحقيقي.
إذًا… ما هو المردود الفعلي لحملات الوعي؟
يمكن تلخيص مردود حملات الوعي في ثلاث مستويات:
- الوصول الفعّال (Effective Reach):
- كم عدد الأشخاص المناسبين الذين تعرّفوا على علامتك؟
- وليس فقط “كم شخص شاهد الإعلان”.
- تحسّن مؤشرات السمعة أو التذكّر (Brand Lift):
- هل لاحظت زيادة في عدد من يبحثون عن اسم علامتك؟
- أو ارتفاعًا في عدد الزيارات المباشرة للموقع؟
- تأثير غير مباشر على المراحل التالية في القمع التسويقي:
- هل تحسّن أداء حملات إعادة الاستهداف بعد الوعي؟
- هل زادت التفاعلات في صفحاتك؟
- هل صار الجمهور المؤهل أكبر وأسهل للوصول؟
كيف نقيس هذا المردود بطرق واقعية وعادلة؟
1. دراسات الـ Brand Lift
إذا كنت تنفذ حملات عبر YouTube أو شبكة Google الإعلانية أو تيكتوك، يمكنك طلب دراسة “Brand Lift” من المنصة الإعلانية، والتي تقيس:
- نسبة التذكّر الإعلاني.
- تغيير نية الشراء.
- معدل البحث عن اسم العلامة التجارية بعد الحملة.
2. مقارنة الزيارات المباشرة (Direct Traffic)
لاحظ حركة الدخول المباشر إلى موقعك خلال فترة الحملة.
ارتفاعها غالبًا يعني أن الناس سمعوا عنك، وأرادوا معرفة المزيد.
3. نمو حجم الجمهور في أدوات التحليل
راجع تحليلات جوجل و المدير الإعلاني للمنصات، وابحث عن:
- نمو في الجماهير، خاصة الـ المُخصصة.
- تزايد الزيارات غير المدفوعة.
- تحسن وقت البقاء في الموقع أو معدل الصفحات المشاهَدة.
4. تتبّع الزيادة في “الاسم + منتج” في البحث
أدوات مثل Google Search Console أو أدوات تتبع الكلمات المفتاحية تستطيع كشف إن كان هناك نمو في البحث عن “اسم علامتك + نوع المنتج”، ما يعني أن الحملة زرعت ارتباطًا بينك وبين ما تبيعه.
لا تُحمِّل الحملة ما لا تحتمل
في بعض الأحيان، تُتهم حملات الوعي بأنها “ما جابت نتائج”.
لكن الواقع أن فشل القياسلا يعني بالضرورة فشل التنفيذ.
إذا كانت الحملة تستهدف بناء معرفة أولية بعلامتك لدى جمهور بارد، فلا تتوقع منهم أن يشتروا في اليوم التالي!
الحملات الناجحة تعمل بشكل تراكمي، وغالبًا ما تكون الخطوة الأولى في مسار تسويقي أطول.
مثال واقعي لتقريب الصورة
لنقل أنك تدير متجرًا لبيع العطور، ومتوسط السعر 400 ريال.
وقررت تنفيذ حملة وعي على YouTube تستهدف فئة عمرية من 25 إلى 40، في مدن محددة.
أثناء الحملة:
- زادت مشاهدات صفحتك على Instagram بنسبة 45%.
- ارتفعت الزيارات المباشرة للموقع.
- بدأ الناس يسألون في الرسائل عن “الفرق بين العطور الشرقية (التي تبيعها) والغربية” مع ارتباط ذلك باسمك.
بعد الحملة بشهر:
- زادت مبيعاتك عبر إعادة الاستهداف.
- نمت قاعدة العملاء لديك.
- بدأت تظهر مراجعات لمنتجك في منصات خارجية.
هل كانت الحملة ناجحة؟ بوضوح، نعم.
لكن لو كنت تبحث فقط عن مبيعات مباشرة من إعلان الفيديو، فربما ستظلمها.
خلاصة القول:
- نعم، يمكن قياس مردود حملات الوعي، ولكن بمؤشرات مناسبة لطبيعتها.
- لا تُحمّل الحملة أكثر مما خُطّط لها: وعي ≠ مبيعات فورية.
- المؤشرات الحقيقية تشمل: نمو الجمهور، تحسّن السمعة، زيادات في التفاعل.
- أدوات مثل الـ Brand Lift وSearch Console يمكن أن تعطي إشارات موثوقة.
- النجاح في الوعي لا يظهر فورًا… لكنه يظهر بوضوح حين تعرف أين تنظر.