السؤال لم يعد: “كم يجب أن تكون ميزانية التسويق؟”

بل: “كيف تُخصَّص هذه الميزانية؟ وهل تُنفق بذكاء؟”

في كثير من الشركات، خاصة تلك التي تنمو سريعًا أو تمر بتغيرات، تتكرر نفس الأخطاء في طريقة تخصيص الميزانية التسويقية. المدهش أن هذه الأخطاء لا تتعلّق فقط بقلة الميزانية، بل أحيانًا بسوء توزيعها أو الإنفاق العشوائي دون مراجعة.

في هذا المقال، نستعرض أبرز الأخطاء التي رصدها تقرير MarTech لعام 2025، مع شرح مبسط لكل خطأ، والطريقة الأذكى لتجنّبه.

الخطأ الأول: تخصيص الميزانية بشكل ثابت دون مراجعة

كثير من الشركات تُحدّد ميزانيتها بنفس الطريقة كل عام:

“كم صرفنا السنة اللي فاتت؟ طيّب زودها 10٪ وخلاص.”

هذه الطريقة لا تأخذ في الحسبان تغيّر السوق، ولا أداء القنوات المختلفة، ولا حتى أهداف الشركة الجديدة.

التصرف الصحيح:

راجع الميزانية ربع سنويًا على الأقل، وابدأ بتحويل الميزانية تدريجيًا من القنوات ضعيفة الأداء إلى القنوات التي تثبت فعاليتها.

احتفظ دائمًا بنسبة صغيرة (10–15٪) للتجربة، لأن السوق لا يتوقف عن التغير.

مثال: إذا لاحظت أن حملات البريد الإلكتروني لم تعد تحقق تفاعلًا كالسابق، بينما زاد أداء فيديوهات TikTok، فمن المنطقي تحويل جزء من الميزانية باتجاه الفيديوهات.

الخطأ الثاني: الإنفاق الزائد على قنوات غير مجرّبة

بعض الفرق التسويقية تنبهر بفكرة جديدة أو قناة “لامعة”، فتبدأ بضخ ميزانية كبيرة من أول لحظة، بدون أي اختبار حقيقي.

والنتيجة؟ ضياع وقت وفلوس على اتجاه يمكن يكون مش مناسب أصلًا.

التصرف الصح:

ابدأ دايمًا باختبار صغير.

حدّد مؤشرات أداء واضحة (KPIs)، ولو النتائج كانت مبشّرة، ساعتها بس فكّر توسّع.

بحسب Planful، الميزانيات المرنة والمعتمدة على بيانات واختبارات مستمرة تساعد على تحسين قرارات الإنفاق وتقليل الهدر، خصوصًا في الحملات الرقمية.

الخطأ الثالث: تجاهل الاستثمار في تقنيات التسويق (Martech)

أدوات مثل تتبّع الأداء، إدارة الحملات، والتحليل السلوكي لم تعُد كماليات… بل أصبحت من أساسيات أي تسويق ناجح.

لكن بعض الشركات لا تزال تؤجل الاستثمار فيها، وتعتمد على جداول إكسل واجتهادات فردية، مما يؤدي إلى قرارات أبطأ وأخطاء أكثر.

التصرف الصحيح:

استثمر في أدوات تساعدك على اتخاذ قرارات مبنية على بيانات، ودرّب فريقك عليها.

النتيجة؟ تسويق أذكى، ومبيعات أعلى، ونمو أفضل.

وفقًا لتقرير Deloitte Digital (2025)، الشركات التي تستثمر أكثر في تقنيات التسويق مقارنةً بالإعلانات والحملات التقليدية تحقق زيادة بنسبة 18٪ في المبيعات ونمو بنسبة 7٪ في الإيرادات بالمقارنة بمن يعتمدون أكثر على الوسائط التقليدية

.

الخطأ الرابع: تجاهل دعم فريق المبيعات

بعض فرق التسويق تركّز كل الميزانية على توليد العملاء المحتملين، ثم تفترض أن المبيعات “هتعرف تتصرف”.

لكن الواقع يقول إن التسويق والمبيعات لازم يمشوا جنبًا إلى جنب.

التصرف الصحيح:

خصص جزءًا من الميزانية لدعم فريق المبيعات:

  • مواد تسويقية مخصصة
  • أدوات إدارة علاقات العملاء (CRM)
  • تدريبات على فهم رحلة العميل

وفقًا لتقرير HubSpot، الشركات التي توحّد جهود التسويق والمبيعات تشهد أداءً أفضل، مثل:

  • زيادة بنسبة 38% في معدلات الفوز بالصفقات
  • نمو سنوي في الإيرادات أعلى بنسبة 27%

الخطأ الخامس: التركيز المفرط على الأداء ونسيان بناء العلامة التجارية

ضغط الأرقام اللحظية قد يدفع بعض الشركات لصرف أغلب ميزانيتها على الإعلانات المباشرة بحثًا عن نتائج فورية، لكن هذا يأتي غالبًا على حساب بناء الثقة والمكانة طويلة المدى.

التصرف الصحيح:

حاول تحقيق توازن بين الأداء وبناء العلامة، بناءً على توصيات روّاد التسويق مثل Les Binet وPeter Field، اللذَين اقترحا نسبة تقريبية:

  • 60% من الميزانية لبناء العلامة التجارية
  • 40% للإعلانات المباشرة

وفق دراسات منشورة من IPA UK، الشركات التي تحافظ على هذا التوازن تحقق نموًا أكثر استدامة وتأثيرًا طويل الأمد مقارنةً بمن تركز فقط على الأداء اللحظي.

مثال عملي مبسط

تخيل شركة ميزانيتها التسويقية 100,000 ريال سنويًا.

بدلاً من تقسيم المبلغ بالتساوي كل عام، تراجع الأداء كل 3 أشهر.

تكتشف أن الإعلانات المدفوعة تُحقق عائدًا جيدًا، لكن المحتوى يُولّد تفاعلًا أعمق على المدى الطويل.

فتقرر:

  • زيادة حصة المحتوى تدريجيًا
  • تخصيص 10% لتجربة قنوات جديدة مثل البودكاست أو إعلانات TikTok
  • إعادة توزيع الميزانية حسب ما يُثبته الأداء

النتيجة؟

ميزانية أكثر مرونة، أقل هدرًا، ونمو مستقر.

خلاصة: راجع، اختبر، وزّع بذكاء

المرونة في تخصيص الميزانية ليست رفاهية.

هي الفرق بين شركة “تجرب وتتعلم”، وشركة “تكرّر نفس الخطأ كل سنة”.

كل ريال تنفقه دون اختبار أو مراجعة… هو فرصة ضائعة.

اترك أول تعليق