سأل صاحب متجر إلكتروني هذا السؤال على X (تويتر سابقًا):

ولأني واجهت مثل هذه المشكلة عدة مرات من قبل، قررت أن أكتب عنها.

لكني قررت أولاً أن أمر مرورًا سريعًا على محرك البحث، لعلي أعزز خبرتي بخبرات الآخرين فتكتمل المنفعة وتتم.

والغريب أنني لاحظت أن هذه المشكلة هي مشكلة شائعة، وليست في أوساط المتاجر الإلكترونية العربية فقط، بل والأجنبية أيضًا!

لذا، أعتقد أن الكتابة في هذا الموضوع لها نفع كبير بإذن الله. وحتى لا أطيل عليك، دعنا ندخل مباشرة في الموضوع ونسأل:لماذا تضعف المبيعات مع زيادة الزيارات والإحالات إلى متجرك؟

والإجابة هي كالتالي…

أولاً: الأسباب التسويقية

وهذه الأسباب تتعلق مباشرةً باستراتيجيتك التسويقية، وبالرغم من وجود عدد كبير من الأسباب، إلا أني أختار منها الآتي:

الاستهداف الخاطئ

وعندما نقول أننا استهدفنا الجمهور الخاطئ، نعني بذلك:

  • جمهور ليس لديه نية شراء: ويبرز ذلك عندما نطلق حملات البحث مستهدفين كلمات مفتاحية غير بيعية.
  • الاستهداف الديموجرافي الخاطئ: مثل السن أو الموقع أو النوع. فلو أنَّك تبيع منتجات نسائية، فلماذا تستهدف الرجال؟ ولو كنت تبيع منتجات للأطفال، فما المعنى من استهداف النساء فوق الخمسين؟
  • عدم القدرة على تحمل الأسعار: قد تبيع منتجات أعلى في متوسط سعرها عن السوق، أو أنها منتجات فاخرة. ومع ذلك، فمع مادة إعلانية رديئة ورسالة هشة، قد تجذب فئات لا تناسب هذا المستوى.

القنوات التسويقية غير المناسبة

قد تطلق نفس الحملة الإعلانية بنفس المواد على منصات عدة، ولأنك لم تُفعِّل أدوات التتبع بطريقة صحيحة، فقد يتفاوت أداء تلك المنصات من ناحية المبيعات دون أن تدري.

فتجد حركة زيارات كبيرة على المتجر ولكن دون مبيعات، وذلك لأن إحدى القنوات أو عدد منها غير مناسب.

عدم الدقة في الرسالة التسويقية

تخيل أنك أعلنت عن خصم بقيمة 40% على منتجات متجرك، فتحمَّس العميل وزار المتجر ليجد أن الخصم ليس 40% بل: “حتى 40%” – وهو ما يعني تفاوتًا في نسبة الخصم. وقد لا تتمتع بعض المنتجات بخصم من الأساس!

تُرى ما الذي تتوقعه من العميل سوى المغادرة محبطًا!

وقياسًا على هذا المثال، نستطيع القول بأن أي وعد تعده للعميل ثم لا يُلاقيه بوضوح في متجرك، هو وفجوة وخلل في الرسالة التسويقية. ونتيجة هذا الخلل هو ارتفاع الزيارات ولكن دون مبيعات تُذكر.

ثانياً: خلل في المحتوى

بعد التسويق، هناك عدة أسباب ذات صلة بالمحتوى وكفاءته، ومن هذه الأسباب:

صور غير أصلية مُتدنية الجودة

بعض المتاجر يبحثون عن المنتجات على الإنترنت، ثم يأخذون الصور كما هي ويضيفونها على أنها صور المنتجات دون أن يبذلوا حتى جهدًا بسيطًا في تحسين جودتها! ولابد أن تعلم أنه وفقًا لـ “Think with Google“، فإن 85% من المتسوقين أونلاين يعتبرون الصور من المؤثرات القوية على قرار شرائهم.

عدم أصالة الصور وجودتها الضعيفة من علامات تدني العلامة التجارية ورداءة منتجاتها، وهذا ليس محفزًا بالمرة. لذا، توقع أن يزورك العملاء، ولكن لا يشترون منك!

نسخ المحتوى

البعض أيضًا ينسخون محتوى المتاجر الكبيرة والمشهورة مثل نون وأمازون وغيرها، وظنهم أن العميل لن يلحظ ذلك!

وما لا يعلمونه أن العملاء يبحثون جيدًا عن المنتجات قبل أن يقرروا الشراء، وهو ما يعني أنهم وبنسبة كبيرة لاحظوا نفس ما كتبته عن منتجك في المتاجر الكبرى. وهذا أيضًا من علامات تدني العلامة التجارية وعدم اهتمام أصحابها.

رداءة وصف المنتجات

وهنا لن أبالغ في تقدير قيمة الوصف، ولكني سأطلب منك فقط أن تقدم الإجابات على الأسئلة الرئيسية التي قد يسألها العملاء دون مبالغة، ودون إفراط أو تفريط!

الإطالة في الوصف يتسبب في ملل العميل وتجاوزه إلى متجر آخر يقدم المعلومات ببساطة، والاختصار المُخل يتسبب في ذات السلوك!

لذا كل ما عليك هو أن توفر المعلومات الأساسية مثل:

  • وصف قصير يلخص الإجابة على هذا السؤال:ما هذا المنتج، ولماذا يشتريه العميل؟
  • خصائص المنتج وميزاته
  • المنافع والفوائد من هذه الخصائص والميزات
  • إبراز النقاط الفريدة في المنتج والمتجر
  • الأسئلة الشائعة والمتكررة

أنت لا تحتاج سوى ذلك، ولكن كن واضحًا ومباشرًا وبسيطًا في كتابتك لهذا الوصف.

ثالثًا: سوء تجربة المستخدم

هناك عدة مظاهر لا تخطئها العين، تتسبب في رداءة تجربة العميل على المتجر، ومن هذه المظاهر:

بطء تحميل الموقع

الوقت المثالي الذي يجب أن تحمل فيه صفحة الهبوط هو ثانيتين وفقًا لتوصيات جوجل التي ينقلها Neil Patel. وأي تأخر عن ذلك له تأثير شديد الضرر على التجربة ككل، وقد يتسبب في معدل كبير من النقرات ولكن ضعف شديد في مشاهدة الصفحة، وبالتالي الرحيل قبل أن يرى العميل المنتج من الأساس!

تجاوب المتجر مع الهاتف

أعلم أن اليوم ما من منصة إلا وتقدم ميزات التجاوب مع الهاتف، ولكن حتى مع توافر هذه الميزة، فإن بعض المصممين قد يرتكبون أخطاءً تؤثر على طريقة عرض الصفحة على الهاتف.

لذا، من الضروري مراجعة الصفحات على الهاتف قبل استلام المتجر من المصمم.

ولو علمت أنه حسب إحصائية نقلتها “outerBox“، فإن 79% من حالات التسوق أونلاين تكون من الهواتف، ستدرك خطورة هذا الأمر قطعًا!

تكدس العناصر والقوائم

كم من متجر دخلته فتأذيت بتكدس البنرات فيه فوق بعضها، أو أن القوائم غير منظمة أو مرتبة، والتصفح من خلالها يكاد يكون مستحيلًا!

هل تظن حقًا أن تجربة مزعجة مثل هذه ستشجع العميل على إكمال رحلة شرائه من خلالك؟

هذه المشكلة تنشأ غالبًا عندما يصر صاحب المتجر على أن يهيئ متجره بنفسه، أو يختار مصمم متاجر بناءً على السعر فقط دون إكتراث حقيقي بجودة المخرجات.

سوء تنظيم الصفحات والمنتجات

بعض المتاجر لا يكون لها بنية وهيكل واضح، فتجد المنتج الواحد مُبعثر في أكثر من صفحة وتحت أكثر من فئة! أو تجد أن هناك فئة تحت فئة تحت فئة… إلخ!

ونتيجة هذا أو ذاك أن العميل يتيه في المتجر، فلا يعلم أين كان وإلى أين هو ذاهب.

التصرف الصحيح أن يكون هناك بنية واضحة ونظام تصنيف واضح للمنتجات يسهل من خلاله تصفح المتجر والتنقل بين الفئات والمُنتجات.

كما أنه من الجيد أن تهتم بشريط البحث داخل المتجر، وتهيئة ترشيحاته حتى يسهل على العميل الوصول إلى المنتج الذي يرغب فيه بسهولة من خلال البحث فيه.

ثالثا: ضعف الثقة في المتجر

شخصيا، أعتبر الثقة هي العامل الأهم والسبب الأكبر في تسرب العملاء بعد زيارة المتجر! ولو تأملت قليلا، ستجد أن الأسباب التي ذكرتها في الأعلى تؤثر بالسلب إلا أن ضعف الثقة في حقيقة الأمر تتوسط العلاقة بين كل هذه الأسباب وارتداد العميل دون إتمام عملية الشراء!

ومع ذلك، فهناك بعض المؤشرات التي تضعف الثقة مُباشرة بخلاف الأسباب السابقة، ومنها:

عدم الاهتمام بسياسة الاسترجاع

بعض المتاجر تنسخ سياسة الاسترجاع من بعضها أو من على الإنترنت بشكل عام، دون الاهتمام بأن تناسب هذه السياسة مرحلة المتجر وطبيعة المنتجات!

تمثل سياسة الاسترجاع بالنسبة للعميل صمام الأمان الذي يرتكن إليه إذا لم يعجبه المنتج. تأمل معي قليلاً وضع نفسك مكان العميل ودعنا نفكر سويًا: ما الذي يمنع العميل من الشراء؟

لو تأملت ستجد أن السبب الأكبر هو الخوف من جودة المنتج، والتي قد يتبعها صعوبة في إرجاع المنتج، أو تحمل تكاليف إضافية عند الاسترجاع!

فلو أنك وضعت سياسة استرجاع بسيطة وسهلة ومطمئنة للعميل، تأكد أن هذا سيشجع العميل إلى حد بعيد.

إهمال شهادات الضمان والجودة

بعض المنتجات لن يتشجع العميل على شرائها ما لم تأتِ بضمان حقيقي من المتجر، وهذه المنتجات غالبًا ما تكون منتجات إلكترونية.

كذلك بعض المنتجات لابد لها من شهادات جودة واعتماد من جهات حكومية محلية، مثل منتجات التجميل والأطعمة والمنتجات الدوائية كالمكملات الغذائية وغيرها!

أنا على يقين أنه ليس هناك متجر إلا وقد حصل على هذه الشهادات، إلا أن المشكلة أنهم يدفنونها داخل المتجر ولا يبرزونها.

سامحني، العميل لن يبذل أي مجهود في البحث عنها!

إهمال التقييمات والمراجعات

بعض المتاجر، والجديد منها خاصة، تعاني من هذه المشكلة، وهي أن هناك عددًا غير كافٍ من المراجعات والتقييمات على المنتجات على المتجر. يستلزم هذا وضع خطة لتشجيع العملاء على ترك تقييمات ومراجعات على المتجر. ولكن…

احذر من شراء التقييمات أو التغرير بها تحت أي مسمى، فلا بارك الله فيمن غش الناس، ومن غشنا فليس منا.

إهمال إثبات تسجيل وترخيص المتجر

نعم، اعلم أنه ما من متجر يجرؤ أصحابه على إطلاقه إلا بترخيص من الجهات الحكومية، ولكن لو فكرت بهذه الطريقة وأهملت الحديث عن نفسك وعن تراخيصك، ستكون بذلك قد ارتكبت خطأين:

  • أنك قد افترضت أن العميل يعلم بهذه الحقيقة، وقد لا يعلم.
  • أن الناس يحبون من يذكرهم دومًا بما يعزز الثقة لديهم.

وتكرارك لهذا الأمر، وإبرازه في كل مرة يزور فيها العميل متجرك، له أثر إيجابي على معدل المبيعات. كُن مُتأكدًا من ذلك.

رابعًا: التكاليف الخفية ووسائل الدفع

وهما مشكلتان كبيرتان ويؤثران بشكل كبير. دعنا نوضحهما كل على حدة:

التكاليف الخفية

بعض المتاجر تضع تكاليف خفية يتفاجأ بها العميل في صفحة الدفع (Checkout) عندما يكتشف تكاليف لها علاقة بالضرائب والتوصيل ومعالجة المدفوعات… إلخ.

Screenshot from 2025 03 02 19 14 54
زيادة اقتربت من 20% على سعر المنتج بسبب الضرائب

تخيل أن وضعت منتجًا في السلة ثمنه 100 ريال، ثم أجد نفسي أدفع من 20 إلى 30 ريال أخرى فقط بسبب هذه التكاليف المخفية!

محدودية طرق الدفع

هناك عدد كبير من طرق الدفع، وهي متاحة للجميع، ولكن بسبب حداثة المتجر أو مشكلات تقنية قد لا يستطيع المتجر توفير كل الطرق والوسائل التي يفضلها العميل.

هنا قد تنشأ المشكلة، إلا أن أي مشكلة قد تنشأ بسبب غياب هذه الطرق لا تضاهي أبدًا المشكلة الناشئة عن غياب وسيلة واحدة مهمة وهي: الدفع عند الاستلام!

حتى الآن لا يزال العملاء يفضلون هذه الطريقة حتى يضمنوا أن ما اشتروه من المتجر هو فعلا ما تم شحنه إليهم ليستلموه، وخاصة في حالة المتاجر الناشئة والأعمال التي لم تبني سمعة تجارية بعد!

لذلك، غياب هذه الطريقة قد يتسبب في تراجع كبير في قرار الشراء.

خاتمة

تلك هي 16 سببًا من أسباب ارتفاع معدل الزيارات والإحالات لمتجرك مع ضعف المبيعات، وقد صنفتها بهذا التصنيف ليسهل عليك التخطيط لعلاجها، وتكليف كل جهة مسؤولة بمعالجة الأسباب التي تخصها!

وهذه القائمة ليست شاملة، فلا يزال هناك أسباب أخرى. إلا أنك إذا ما عالجت هذه المشكلات، تأكد أنه -بإذن الله- ستُحل 80% من مشكلتك.

وفي النهاية، أدعوك للتعرف على سبل التعاون معي، سواء كنت ترغب في إدارة المحتوى واستراتيجيته، أو إطلاق وإدارة الحملات التسويقية. في كلا الحالتين، أنا هنا لمساعدتك.