عندما نتحدث عن كل ما هو رقمي، فالشفافية ليست ترفًا، بل ضرورة. وأنت كمعلن، من المفترض أن ترى بدقة أين تُصرف ميزانيتك، وما العائد الذي تحققه كل كلمة مفتاحية في حملاتك. لكن الواقع في إعلانات جوجل اليوم يُخبرنا بغير ذلك.

فبحسب تحليل مستقل، شمل أكثر من 933 حملة إعلانية، وقرابة 14 مليون نقرةبإجمالي إنفاق بلغ 20 مليون دولار، اتضح أن هناك نسبة ضخمة من المصطلحات البحثية – تلك التي كتبها المستخدمون فعليًا قبل الضغط على إعلانك – لا تظهر للمعلنين في تقارير الأداء. بل إن ما يُعرف بـ “العبارات المخفية” تستهلك جزءًا كبيرًا من الميزانية دون أن يتمكن المعلن من رؤيتها أو تحسينها.

85% من الإنفاق… في الظل!

المفاجأة الصادمة في هذا التحليل كانت أن ما يقارب 85% من الإنفاق الإعلاني ذهب إلى مصطلحات لا يراها المعلنونفي تقاريرهم. هذه المصطلحات قد تكون غامضة، أو غير متوافقة مع نية المستخدم، أو ببساطة منخفضة الجودة.

وما يزيد الطين بلّة أن هذه المصطلحات، بحسب الدراسة، كانت:

  • أعلى تكلفة: حيث ارتفعت تكلفة النقرة على العبارات المخفية بنسبة 52%مقارنة بالمصطلحات الظاهرة.
  • أقل أداءً: إذ سجّلت معدلات نقر (CTR) أقل بنسبة 44%.

هذه الأرقام تضع علامات استفهام كبيرة حول فاعلية الاستهداف، وفعالية الميزانية، والقدرة على تحسين الأداء بشكل مستمر.

ما المشكلة؟ ولماذا تُخفي جوجل هذه المصطلحات؟

السبب الرسمي الذي تقدمه جوجل هو حماية خصوصية المستخدمين، لا سيما عند وجود بيانات قليلة جدًا حول المصطلح البحثي. لكن محللين مثل Colin Slattery– الذي أجرى التحليل – يرون أن وراء هذا الإخفاء دافعًا آخر: تعظيم أرباح جوجل من المخزون الإعلاني الأقل جودة، عبر توجيه المعلنين نحو كلمات قد لا تحقق نتائج ملموسة، لكنها تدر دخلًا.

وهنا تصبح المعضلة مزدوجة: أنت كمعلن لا ترى ما يحدث، ولا يمكنك تعديل عروضك أو تحسين رسائلك الإعلانية أو حتى إيقاف النزيف.

تأثير مباشر على العلامة التجارية والعائد

الأمر لا يتوقف عند حدود الأداء الرقمي، بل يمتد إلى تأثير مباشر على الحملات التي تعتمد على الكلمات المفتاحية المرتبطة بالعلامة التجارية. عندما تكون هذه المصطلحات “مخفية”، قد تظهر إعلاناتك لمستخدمين لا علاقة لهم بعلامتك، ما يُضعف العائد على الاستثمار ويشوّش على نوايا البحث الحقيقية.

فلنأخذ مثالًا افتراضيًا: لنفترض أن لديك علامة تجارية لملابس رياضية تستهدف الباحثين عن “ملابس رياضية أصلية”. في حال تم إخفاء الاستعلامات الدقيقة، قد يتم عرض إعلانك على مستخدمين يبحثون عن “ملابس مستعملة” أو “خصومات رياضية”، ما يعني أن الإنفاق هنا لا يحقق الغرض المطلوب.

هل هناك حلول؟

في ظل هذا الواقع، لا يعني الأمر أن تتخلى عن إعلانات جوجل، لكنه دعوة لتوخي الحذر والبحث عن الأدوات المناسبة، مثل:

  • استخدام أدوات خارجية مثل Search Query Performanceأو أدوات تحليل من شركات مثل TenscoresوSEMrush.
  • بناء حملات قائمة على مصطلحات دقيقة، ومراقبة أداء الإعلانات وفقًا لمصادر النقر وليس فقط البيانات الإجمالية.
  • مراجعة التقارير بشكل دوري، والتأكد من ضبط إعدادات “Match Types” و”Negative Keywords” للحد من المصطلحات غير الملائمة.

الخلاصة

الإنفاق الإعلاني الذكي لا يعني فقط أن تظهر في نتائج البحث، بل أن تعرف بدقة لمن تظهر، ومتى، ولماذا، وبكم؟. وإذا كانت العبارات المخفية تُشكل 85% من الصورة، فأنت عمليًا تُدير حملتك بعين واحدة.

والسؤال هنا: هل تقبل أن تُدار ميزانية شركتك بهذا القدر من الغموض؟

اترك أول تعليق