كثيرًا ما يُطرح هذا السؤال:
“كم أخصص للتسويق من ميزانية مشروعي؟ 5%؟ 10%؟ 30%؟”
والحقيقة أن الإجابة ليست رقمًا سحريًا.
بل تعتمد على عوامل كثيرة تبدأ من مرحلة المشروع، وطبيعة السوق، ونموذج الإيرادات، ولا تنتهي عند قدرتك على تحمل المخاطرة.
لكن هذا لا يعني أن السؤال خاطئ.
بل يعني أن الإجابة تحتاج بناءً حقيقيًا على واقع مشروعك، لا على أرقام عامة تُرمى في الهواء.
أولًا: دعنا نبدأ من الأساس
ميزانية التسويق ليست رقمًا منفصلًا، بل جزء من ميزانية المشروع الكلية، تمامًا مثل بند التشغيل أو الرواتب أو التطوير.
أي أن سؤال: “كم أخصص للتسويق؟”
هو في الحقيقة جزء من سؤال أوسع: “كيف أوزّع ميزانيتي بين البنود الأساسية؟”
ثانيًا: ما النسب المعتمدة عالميًا؟
وفقًا لتقرير Gartner لعام 2022، بلغ متوسط الإنفاق التسويقي 9.5% من الإيرادات.
لكن في تقديرات أحدث لعام 2024، تراجع المتوسط إلى حوالي 7.7% فقط.
وتختلف النسبة حسب نوع الشركة كالتالي وفق بحث أجربته CMOsurvey:
نوع الشركة | متوسط الإنفاق من الإيرادات | متوسط الإنفاق من ميزانية المشروع |
---|---|---|
B2C – منتجات | 10.2% | 12.2% |
B2C – خدمات | 10.4% | 9.6% |
B2B – منتجات | 6.1% | 8.7% |
B2B – خدمات | 6.2% | 10% |
القاعدة الذهبية:
كلما كان المشروع أحدث أو في مرحلة نمو وتسويق أولي، زادت الحاجة إلى رفع الميزانية. أما المشاريع المستقرة أو التي تعتمد على العملاء الحاليين، فتكتفي غالبًا بنسبة أقل.
ثالثًا: متى تُنفق أكثر؟ ومتى تُقلل؟
عندما تحتاج إلى نمو سريع
في مرحلة التأسيس أو التوسّع، قد تُضطر لتخصيص 20% أو أكثر من الميزانية للتسويق، بهدف:
- بناء وعي بالعلامة
- اكتساب حصة سوقية
- تجريب قنوات مختلفة
قد لا ترى العائد فورًا، لكن الإنفاق هنا استثمار لا مفر منه.
مثال:
مشروع ناشئ في سوق مزدحم، ميزانيته السنوية 1,000,000 ريال،
لو خصص 200,000 ريال للتسويق (20%)، فقد يبدو الرقم ضخمًا،
لكن إذا نجح في بناء قاعدة عملاء نشطة، فقد يسترد هذا المبلغ مضاعفًا خلال العام التالي.
عندما تكون في مرحلة استقرار
إذا كان لديك قاعدة عملاء فعالة، وسمعة مستقرة،
فيمكنك تقليص الإنفاق إلى 5–10% من الإيرادات، والتركيز على:
- تحسين العائد من القنوات الحالية
- رفع ولاء العملاء
- خفض تكلفة الاكتساب
لكن:
لا تجعل الاستقرار مبررًا للجمود. فالسوق يتحرك، ومنافسوك لا ينامون.
رابعًا: قاعدة النسبة لا تكفي وحدها
حتى لو اخترت رقمًا منطقيًا (مثل 10%)، فهذا لا يعني أنك على المسار الصحيح.
الرقم يجب أن يُربط دائمًا بـ:
- أهداف واضحة: هل تريد مبيعات؟ وعي؟ تسجيلات؟
- تكاليف واقعية: كم تحتاج فعليًا للوصول إلى الهدف؟
- معدل التحويل: هل موقعك أو منتجك قادر على تحويل الزوار إلى عملاء؟
- هامش الربح: هل العائد يُغطي الإنفاق ويبرره؟
خامسًا: مثال تطبيقي
افترض أنك تدير متجرًا إلكترونيًا للعناية الشخصية.
- الإيرادات المتوقعة: 1,200,000 ريال سنويًا
- الهامش الربحي: 25%
- الهدف: زيادة الطلبات الشهرية من 500 إلى 1000 خلال 6 شهور
تحليل بسيط:
- إذا كان متوسط الطلب = 200 ريال
- تحتاج إلى 500 طلب إضافي × 200 = 100,000 ريال مبيعات شهرية
- بمعامل ربح 25% ← ربح شهري = 25,000 ريال
- لو أنفقت 15,000 ريال شهريًا على التسويق لتحقيق هذا النمو ← جيد
لكن إذا احتجت 40,000 ريال لتحقيق نفس النتيجة، فأنت تخسر.
لهذا، لا تحسبها بنسبة فقط.
احسبها بعائد متوقع، وبكفاءة كل ريال يُنفق.
سادسًا: هل يمكن عكس المعادلة؟
نعم.
بدلًا من أن تبدأ بـ “كم أخصص؟”، يمكنك أن تبدأ من:
- ما الهدف البيعي؟
- ما تكلفة اكتساب العميل الواحد؟
- ما عدد العملاء المطلوبين؟
- اضرب التكلفة × العدد ← ميزانية تسويقية مبررة
مثال سريع:
- الهدف: 300 طلب
- تكلفة الاكتساب = 70 ريال
- 300 × 70 = 21,000 ريال ← ميزانية شهرية منطقية
ثم قارِن هذا الرقم بنسبة من ميزانية المشروع، لتعرف إن كان مقبولًا أو يحتاج إعادة نظر.
وقد فصلت في هذا المدخل في مقالي السابق: كيف تُحدّد الميزانية التسويقية؟ بما في ذلك ميزانية الفريق، دون هدر أو تقصير
الخلاصة:
إن كنت تُطلق مشروعًا جديدًا، فتوقّع أن تتراوح ميزانيتك التسويقية غالبًا بين 15% و30% من الإيرادات.
أمّا إن كان مشروعك ناضجًا ومستقرًا، فغالبًا ما تكفي نسبة تتراوح بين 5% و12%.
لكن انتبه:
- لا تقع في فخ اختيار نسبة عشوائية. اربط الرقم بهدف واضح—ما الذي تريد أن تحققه بهذه الميزانية؟
- ولا تبدأ من السؤال: “كم أضع للتسويق؟” بل اسأل: “ما العائد الذي أريده؟ وما الميزانية التي تساعدني على الوصول إليه؟”
وأخيرًا، راقب الأرقام باستمرار: تكلفة الاكتساب، والهامش الربحي، والعائد على الإنفاق. فميزانية التسويق ليست رقمًا ثابتًا، بل أداة يجب أن تتفاعل معها بذكاء.
المقال سـ & جـ
كم يجب أن أخصص من ميزانية مشروعي للتسويق؟
النسبة تعتمد على مرحلة المشروع وطبيعة السوق. المشاريع الجديدة قد تحتاج إلى 15–30% من الإيرادات، بينما المستقرة غالبًا تكتفي بـ 5–12%.
هل توجد نسبة عالمية يمكن اعتمادها كنقطة مرجعية؟
تقرير Gartner يشير إلى متوسط 7.7% من الإيرادات، لكن هذا يختلف حسب نوع المشروع، وأفضل أن تربط النسبة بهدفك الفعلي بدلًا من اعتمادها بشكل جامد.
متى أرفع ميزانية التسويق ومتى أقلّلها؟
ارفعها في مراحل الإطلاق والنمو، وقلّلها عند الاستقرار . لكن لا تربط القرار بالمشاعر؛ اربطه بهدف واضح وسوق متغير.
هل يكفي الاعتماد على نسبة مئوية فقط؟
لا، النسبة وحدها قد تضلّلك. الأهم هو ربط الميزانية بالأهداف، وتكلفة الوصول إليها، وكفاءة قنوات التسويق المستخدمة.
كيف أحدد ميزانيتي التسويقية بطريقة عكسية؟
ابدأ من هدفك البيعي، ثم احسب عدد العملاء المطلوبين وتكلفة اكتساب كل عميل. الناتج هو ميزانية مبررة وقابلة للقياس.
ما الأخطاء الشائعة في تقدير ميزانية التسويق؟
أخطرها: اختيار نسبة عشوائية بدون ربطها بعائد واقعي، أو تجاهل المتغيرات مثل الهامش الربحي وتكلفة الاكتساب ومعدل التحويل.