الزيادة في عدد العملاء وحدها لا تكفي، بل قيمتهم هي الأهم: دروس من تجربة سناب شات

عندما نسمع عن نجاح شركة في زيادة عدد مستخدميها، فإن الانطباع الأول يتجه نحو الاحتفال بهذا الإنجاز، وكأن العدد هو المعيار الوحيد للنمو والنجاح.

لكن، هل تكفي الزيادة في عدد العملاء لتحقيق نمو حقيقي ومستدام؟

هل يكفي أن نضيف ملايين مستخدمين فقط، بغض النظر عن مصدرهم وقيمتهم؟

الواقع يقول غير ذلك، وتجربة منصة سناب شات تقدم لنا درسًا مهمًا في هذا الشأن.

النمو في الأسواق الناشئة مقابل تراجع الأسواق الكبرى: معادلة الربح والخسارة

في الربع الثاني من 2025، أعلنت سناب شات عن وصول مستخدميها النشطين يوميًا إلى 469 مليون، بزيادة تسعة ملايين مستخدم عن الربع السابق.

يبدو هذا مؤشراً إيجابيًا، لكن التفاصيل تكشف أن معظم هذه الزيادة جاءت من الأسواق الناشئة، وعلى رأسها الهند، بينما فقد التطبيق مستخدمين في الأسواق الكبرى مثل أمريكا الشمالية وأوروبا، وهما السوقان اللذان يشكلان العمود الفقري لإيرادات الشركة.

الأمر لا يتعلق بعدد المستخدمين فقط، بل بالقيمة التي يمثلها كل مستخدم.

إذ تشير بيانات الشركة إلى أن الإيرادات التي تحققها سناب شات من المستخدم في أمريكا الشمالية تبلغ أربعة أضعاف ما تحققه من مستخدم في بقية أنحاء العالم، أي ما يعادل 800% أكثر من الأسواق الناشئة.

هذا الفرق الشاسع في القيمة يجعل فقدان المستخدمين في هذه الأسواق ضربة قاسية للنتائج المالية.

لماذا القيمة أهم من العدد؟

في عالم الأعمال، لا يمكن الاعتماد فقط على زيادة حجم العملاء كدليل على النجاح.

فالقيمة الحقيقية تكمن في القدرة على تحقيق إيرادات مستدامة من هؤلاء العملاء، سواء عبر الإعلانات، المشتريات، أو الاشتراكات.

استخدام سناب شات كمثال يعكس هذا الواقع: نمو عدد المستخدمين في الأسواق الأقل دخلاً لا يعوض خسارة المستخدمين في الأسواق الأعلى دخلاً.

لتوضيح ذلك، تخيل شركة تسويق تستهدف السوق المحلي في الرياض، وتضاعف عدد زبائنها الجدد في مدن أقل نشاطاً تجاريًا، لكن تفقد عملاءها الكبار في قلب الرياض.

قد يبدو عدد العملاء في تزايد، لكن إجمالي إيراداتها وقدرتها على الاستثمار والتوسع ستتأثر بالسلب.

التحديات المالية وسيناريو الاستثمار في الواقع المعزز

ترافق هذا الانكماش في الأسواق الرئيسية مع ارتفاع التكاليف التشغيلية، خاصة المتعلقة بمشروع نظارات الواقع المعزز (Spectacles) الذي تطوره سناب شات.

ففي حين أن المستخدمين يظهرون اهتماماً بالأدوات المعززة للواقع، فإن قدرة سناب شات على تحويل هذا الاهتمام إلى مبيعات حقيقية ومستدامة للنظارات تظل موضع تساؤل، خاصة في مواجهة منافسة قوية من شركات مثل ميتا.

هذا الاستثمار الضخم في تقنية جديدة يتطلب تمويلاً مستقراً، وهو ما يتأثر سلبًا بانخفاض الإيرادات من الأسواق الكبرى، مما يضع الشركة في موقف حرج بين الحاجة إلى الابتكار والحفاظ على استقرار الإيرادات.

الدروس المستفادة لأعمالنا ومشاريعنا

من تجربة سناب شات يمكن استخلاص عدة نقاط مهمة لأي نشاط تجاري يسعى للنمو المستدام:

1. لا تركز فقط على زيادة العدد، بل على جودة وقيمة العملاء: من الأفضل التركيز على الأسواق والعملاء الذين يقدمون أعلى عائد وربحية.
2. اعرف أسواقك جيدًا: تنويع قاعدة العملاء جيد، لكن لا تضحي بأسواقك الرئيسية ذات القيمة العالية.
3. وازن بين الابتكار والاستقرار المالي: استثمارات التكنولوجيا والابتكار يجب أن ترافقها خطة مالية واضحة، مع معرفة مدى قدرة عملائك على دعم هذه الخطط.
4. استخدم البيانات بحكمة: الاستفادة من بيانات الأداء تساعد في اتخاذ قرارات استراتيجية مبنية على حقائق وليس على مجرد أرقام سطحية.

الخلاصة

زيادة عدد العملاء بلا اعتبار لقيمتهم قد يؤدي إلى تضخيم وهم النجاح بينما تكون النتائج المالية متراجعة.

تجربة سناب شات تؤكد أن القيمة الحقيقية للعملاء والسوق المستهدف هي المحرك الأساسي للنمو المستدام والنجاح في عالم الأعمال الرقمي، خصوصًا في ظل التنافس الشرس والتغيرات السريعة في سلوك المستهلكين والتكنولوجيا.

المقال سـ & جـ