دخلت هذا المجال بحماسة. جهّزت كل شيء: المنتجات، التغليف، منصات التواصل، بل وحتى تعاقدت مع شركتين للتسويق. كنت تظن أن النتائج ستظهر سريعًا… لكن الواقع كان أقسى.
كل يوم يمر أصبح أكثر صعوبة. التفاعل ضعيف، والمبيعات لا توازي المصروفات. والديون؟ بدأت تتراكم. ومع كل هذا، ما زلت متمسكًا بالأمل أن ترى النور في نهاية الطريق.
هل أنت في هذا الموقف؟
إن كان جوابك “نعم”، فهذا المقال كُتب لك.
حين تصطدم التوقّعات بالواقع
التجارة الإلكترونية في ظاهرها تبدو سهلة. متجر إلكتروني أنيق، صور جذابة، حسابات على المنصات، وربما حملة إعلانية… ثم تأتي المبيعات.
لكن الواقع مختلف. هذه صناعة تتطلب حسابًا دقيقًا، وفهمًا عميقًا، وصبرًا طويلًا.
خاصة أن بعض المصادر تشير إلى أن 80% من المتاجر الناشئةعلى شوبيفاي تفشل خلال السنة الأولى، لا بسبب نقص الجهد، بل لأن التوقعات كانت أبسط من اللازم، والخطط أضعف من الواقع.
هل المشكلة في السوق؟ أم في المسار؟
في غالب الحالات، السوق موجود. والطلب موجود. لكن المشكلة تكون في واحد أو أكثر من الآتي:
1. المنتج ليس هو المشكلة… بل طريقة تقديمه
قد يكون ما تبيعه ممتازًا، لكن:
- هل يظهر ذلك في طريقة عرضه؟
- هل رسالتك التسويقية تُبرز ما يميّزك فعلًا؟
- هل فهمت ما الذي يدفع العميل ليشتري؟
مثال بسيط: متجر يبيع شاي أعشاب فاخر. الصور جميلة، لكن لا توجد قصة. لا يعرف الزائر لماذا هذا الشاي مختلف. النتيجة؟ تمر الزيارة دون شراء.
2. الحملات الإعلانية ليست خطة تسويق
وجود شركة تسويق لا يعني أنك تملك خطة. لأن الإعلانات، مهما كانت احترافية، لا تنجح في بيئة غير مهيّأة: متجر غير واضح، صفحات اجتماعية باردة، محتوى ضعيف، أو أسعار غير مدروسة.
تذكّر: التسويق يبدأ قبل الإعلان، لا بعده.
3. منصات التواصل لا تُكافئ “الوجود” بل “التفاعل”
وجود حسابات على السوشيال ميديا لا يكفي. المنصات تغيّرت. لم تعد تعرض منشوراتك لمتابعيك إلا إذا تفاعلوا.
وهم لا يتفاعلون إلا إذا وجدوا ما يستحق التفاعل.
- هل المحتوى يخاطب اهتماماتهم؟
- هل يُشعرهم أنك تفهمهم؟
- هل فيه دعوة للحديث؟ قصة تُحكى؟ حافز للنقاش؟
المنشورات “الجميلة” لا تكفي، إن لم تكن حيّة.
من أين تبدأ فعليًا لتصحيح المسار؟
1. افهم جمهورك بعمق، لا بظن
من أكثر الأخطاء شيوعًا: افتراض أن الجميع زبون محتمل.
الصحيح: حدد شريحة واضحة جدًا، واعرف تفاصيلها الدقيقة: ما الذي يؤرقها؟ ما الذي تريده فعلًا؟ ماذا تتابع؟ أين تتسوّق؟ لماذا قد تختارك؟
كلما ضاقت الشريحة، زادت فرصتك أن تخاطبها بلغة تُقنع.
2. اجعل منتجك “يُرى” كما يجب
ليس كافيًا أن يكون المنتج جيدًا.
يجب أن:
- تصفه بلغة سهلة جذابة.
- تُظهر استخدامه في الحياة الواقعية.
- تُبرز تجارب الآخرين معه.
- توضّح ما الذي يجعله يستحق السعر.
الصور وحدها لا تبيع، لكن الصورة + القصة + الدليل = تبيع.
3. ابنِ أصولًا رقمية تُنقذك وقت الشدّة
ما الذي تملكه الآن؟ هل تملك قائمة بريدية؟ هل جمعت عملاء سابقين؟ هل لديك محتوى دائم (مثل مقالات أو فيديوهات تعليمية)؟ هذه الأصول تحميك من الاعتماد الكلي على الإعلانات.
شركة Basecamp على سبيل المثال بنت جمهورًا كبيرًا من خلال مدونتها، وليس من الإعلانات فقط، وكانت هذه المدونة سببًا رئيسيًا في بقاء مبيعاتها ثابتة حتى في أوقات الأزمات.
لا تستصغر أي خطوة
في مراحل التعب، يسهل أن يفقد الشخص ثقته في نفسه، أو يُسرف في نقد ذاته. لكن النجاح في التجارة الإلكترونية لا يحدث دفعة واحدة. بل يبدأ بخطوة صحيحة، تتبعها أخرى.
إن أنفقت ميزانيات ولم تجد مردودًا، فربما تحتاج إلى وقفة لا انسحاب.
إلى مراجعة لا إلى جلد.
إلى “إعادة ترتيب” لا إلى هدم.
كيف تعرف أنك بدأت تستقيم؟
- حين تعرف بالضبط من هو عميلك.
- حين تتلقى أسئلة متكررة حول منتجك من عملاء حقيقيين.
- حين يصبح لديك محتوى يُشارك تلقائيًا.
- حين تأتيك أول مراجعة إيجابية دون طلب.
- حين تبدأ في رؤية التفاعل، لا مجرد الوصول.
هذه إشارات طريق. لا تتجاهلها.
كلمة أخيرة:
الطريق لم يكن سهلًا على أحد. ومن تعتقده اليوم “ناجحًا”، كان بالأمس يسأل نفسه إن كان اختياره لهذا المجال خطأ.
لكن الذي يصنع الفرق ليس الجهد وحده، بل الفهم.
وحين تفهم، تصير كل خطوة محسوبة.
والأمل لا يعود شعورًا فقط… بل يصبح خريطة.
قد يُعجبك أيضًا: