كيف يؤثر ترتيب موقعك في محركات البحث على ظهوره في إجابات الذكاء الاصطناعي؟ [دراسة حديثة]

بحثت طويلًا عن تأثير زحف الذكاء الاصطناعي إلى المواقع والمدونات واستخدام محتواها في الإجابة على أسئلة المستخدمين. والسبب في ذلك هو أن ظهور المحتوى في إجابات الذكاء الاصطناعي يعني زيارات أقل لتلك المواقع. ولا أظنُّ أيَّ مهتم بالتسويق بالمحتوى أو تحسين محركات البحث لا يشاركني نفس الاهتمام.

وأثناء بحثي، وجدت الدراسة التي هي بين أيدينا الآن، والتي أجرتها شركة Seer Interactive بهدف استكشاف العلاقة بين تصدر المواقع لنتائج البحث الأولى في جوجل، وظهورها كمصادر في إجابات GPT-4.

لم تقدم الدراسة إجابة شاملة عن أسئلتي، لكنها خففت من شدة تحفظي، وأكدَّت ظنِّي بأن الذكاء الاصطناعي صار واقعًا لا مفر من تقبله والتعامل معه.

في هذا المقال، سأُلخص تلك النتائج، وكيف يمكن رؤيتها استراتيجية التسويق بالمحتوى. فتابع معي

نظرة عامة على الدراسة

تمكن الباحثون في هذه الدراسة من حصر حوالي 300,000 كلمة بحثية في قطاعين مختلفين هما:

• القطاع المالي والاقتصادي
• قطاع البرمجيات السحابية كخدمات (SaaS)

بعد ذلك، استخدموا هذه الكلمات البحثية في محركي البحث جوجل وبينج، وأجروا تحليلًا لنتائج الصفحة الأولى لكل كلمة.

ومن خلال خدمة “People Also Ask”، استخدم الباحثون الكلمات المفتاحية لاستنباط حوالي 600,000 سؤال ذي صلة.

وبعد التنقيح، قُلِّصت قائمة الأسئلة إلى 10,000 سؤال. ثم بدأوا بطرح هذه الأسئلة على GPT-4 لتحليل المصادر والصفحات التي تظهر في إجاباته.

نتائج الدراسة

أسفرت هذه الدراسة عن وجود علاقة قوية بين ظهور الصفحات في نتائج البحث الأولى لمحركات البحث وظهورها في إجابات الذكاء الاصطناعي. ويمكن تلخيص هذه العلاقة كما يلي:

• أهمية الترتيب في محرك البحث: وجد الباحثون أن معامل الارتباط بين ظهور المواقع في الصفحة الأولى لجوجل وظهورها في إجابات الذكاء الاصطناعي يبلغ 0.65، بينما كانت قيمته بالنسبة لمحرك بينج تتراوح بين 0.5 و0.6.
• ضعف تأثير الروابط الخلفية: على الرغم من شهرة تكتيكات الروابط الخلفية في تحسين ترتيب الموقع في محركات البحث، إلا أن تأثيرها على الظهور في إجابات الذكاء الاصطناعي كان تقريبًا معدومًا.
• تأثير تنوع المحتوى: تنوع المحتوى من العوامل المهمة في تحسين ظهور الموقع في نتائج البحث الأولى، لكن تأثيره كان تقريبًا معدومًا في إجابات الذكاء الاصطناعي، مما يعني أن التنوع والشمول ليسا شرطين أساسيين.

كيف نرى هذه النتائج من منظور التسويق بالمحتوى؟

العلاقة القوية بين ظهور الصفحات في نتائج البحث الأولى وظهورها في إجابات الذكاء الاصطناعي، بالإضافة إلى غياب تأثير عوامل أخرى مهمة كالروابط الخلفية وتنوع المُحتوى وشموله، تثير انتباه جميع العاملين في التسويق بالمحتوى إلى عدة أمور، لعل من أهمها:

الاهتمام بتحسين المحركات التوليدية (GEO)

على الرغم من وجود ارتباط قوي بين نتائج الصفحة الأولى في محرك البحث وإجابات الذكاء الاصطناعي، إلا أنه من الواضح أن هناك معايير وعوامل أخرى مؤثرة. لذا، فإن الاهتمام بهذه العوامل وتلبية متطلباتها ضرورة للظهور في إجابات الذكاء الاصطناعي.

ومن أبرز هذه العوامل:

• التركيز على نية البحث وليس الكلمات المفتاحية فقط.
• مراعاة الكتابة بأسلوب مباشر وواضح وتجنب الحشو الزائد.
• أن تُجيب بما تكتب على أسئلة المُستخدمين قدر المُستطاع.

تغليب الاهتمام بجودة المحتوى

كما رأينا في النتائج، أثَّرت عوامل مثل الروابط الخلفية وتنوع المحتوى بدرجة كبير على ظهور المواقع في نتائج الصفحة الأولى لسنوات طويلة. إلَّا أن تأثير هذه العوامل صار محدودًا في حالة الذكاء الاصطناعي. وهذا يعني أن جودة المحتوى من حيث:

• الدقة
• الصحة
• الحداثة
• الصلة
• المباشرة

لها التأثير الأكبر على ظهور الصفحات في إجابات الذكاء الاصطناعي مُستقبلًا.

الارتباط ليس بالضرورة يعني السببية

على الرغم من وجود علاقة قوية بين ظهور المواقع في الصفحة الأولى لمحركات البحث وظهورها في إجابات الذكاء الاصطناعي، إلا أن هذا لا يعني بالضرورة أن أي موقع أو صفحة تظهر في نتائج جوجل أو بينج ستظهر تلقائيًا في إجابات الذكاء الاصطناعي.

هذا غير صحيح. ويؤكد ذلك على أهمية معايير أخرى، أهمها جودة المحتوى. كما أننا، مثلما نقيم كفاءة المحتوى بناءً على قدرته على تصدّر محرك البحث، يجب علينا أيضًا تقييم صلاحيته للظهور في نتائج وإجابات الذكاء الاصطناعي.

خاتمة

كما أصبح الإنترنت جزءًا أساسيًا من حياتنا اليومية، سيصبح الذكاء الاصطناعي قريبًا ركنًا أساسيًا في كل ما يتعلق بالإنترنت، وخاصة في مجالات التسويق الرقمي وتسويق المحتوى. ولا يمكن حينها التفكير في استراتيجية تسويقية دون مراعاة كيفية الاستفادة من الذكاء الاصطناعي أو التخطيط والتنفيذ بما يواكب تطوره.